من جراب الأمس

العلاّمة أحمد العجوز

وُلد فضيلة الشيخ أحمد محيي الدين العجوز سنة 1905 في مدينة بيروت .

تلقى علومه الإبتدائية في كتاب الشيخ محمد توفيق خالد حتى سنة 1916 وبعدها إلى سوق التجارة في محل التاجر مصباح قرنفل وبقي إلى ما بعد إحتلال الحلفاء للبلاد. ثم اتجه إلى طلب العلم حيث تلقى مبادىء العلوم الشرعية والعربية على فضيلة الشيخ توفيق خالد والشيخ مصباح شبقلو والشيخ إبراهيم المجذوب أمين الفتوى السابق.

ثم انتقل إلى الأزهر الشريف سنة 1341 هجرية وأخذ يتلقى كافة العلوم على صفوفه المختلفة ويلقي دروساً عامة في الأزهرالشريف بعد عصر كل خميس وجمعة من أيام الأسبوع ، وقد درس عليه لفيف كبير من الطلاب في علوم الفقه والحكمة والمنطق والنحو والصرف والميراث.

وفي سنة 1345هـ تلقى الشهادة العالمية من الدرجة الأولى في أصعب تعيين للإمتحان كان المصريون رفضوه لصعوبته ففاز بالدرجة الأولى. وبعد نيله الشهادة عاد إلى بيروت. وصادف أن فريقاً من المحامين ألّف كتاب النظرات في السفور والحجاب فتصدى للرد عليه برسالة تحت عنوان” الأدلة الجلية في الحجاب المدنية”.

وعندما استقر في بيروت مارس مهنة التعليم الديني في مدارس المقاصد.

وبعد حين شكّل جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية وفتح باسمها مستوصف جمعية المشاريع الخيرية وكان ثاني مستوصف وُجد في بيروت بعد مستوصف محمد أبو خليل الداعوق.

ثم أسس جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية لنشر الفضائل والمكارم والأخلاق وقد أصدر ما يزيد عن أربعين رسالة في موضوعات خلقية وإرشادية متنوعة. وبعدها أسس جمعية بناء وترميم المساجد.

وأول مسجد قامت الجمعية ببنائه مسجد الأشرفية الشرقي المسمى مسجد الحسنين وأول مسجد في القرى مسجد مكسا في البقاع.

وبلغ مجموع المساجد التي أنشأتها ورممتها الجمعية وساعدت في إنشائها مئة وثمانين مسجداً. ثم أسس جمعية المحافظة على القرآن الكريم مع أخوان له خُلص ، قامت بتعليم القرآن ومراقبة طبعه ونشر هدايته وتتبّع تعليمه في المدارس الخاصة خير قيام.

ثم عمل على تأسيس مجلس العلماء الذي قام بدوره بأعمال هامة واشترك في مؤتمر الأوقاف الإسلامي الذي عُقد في حلب إبّان عهد الإنتداب للدفاع عن الأوقاف الإسلامية المستقلة ، وبعد جهاد طويل أُنتزعت الأوقاف الإسلامية من قبضة الإفرنسيين في بيروت ولبنان.

ثم تولى مديرية أوقاف القرى وقام بتنظيمها وضبط حساباتها واسترجع أوقافاً إسلامية مسلوبة من بعض الأشخاص.

في برجا الشوف كان لشيخنا أْحمد العجوز رحمه الله أياد بيضاء ناصعة في إنهاضها والرقي بها، حيث ثابر على زيارتها منذ أواسط الثلاثينيات من القرن العشرين ، وكان الرئيس الفخري لجمعية المواساة الخيرية الإسلامية البرجاوية التي تأسست عام 1935م-1354هـ ، والتي تعتبر رائدة الجمعيات في العمل الاهلي والثقافي قياساً إلى زمن تأسيسها، فافتتحت أول مدرسة لتعليم الإناث، فكانت مدرسة البنات على بيادر حارة العين مشروعاً لم يسبق في برجا، وما زال حتى أيامنا هذه يتصدّر أعمال الجمعيات وإنجازاتها في بلدتنا[1]

في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك 11 ذو الحجة 1354 حضر أركان جمعية المواساة الإسلامية إلى ساحة العين، فاحتشد أهالي الضيعة لمؤازرة أعضائها في مسعاهم لبناء أول مدرسة للبنات ، فكان إحتفال عظيم أخذ بناصيته الشيخ أحمد العجوز فدعا البرجاويين إلى التبرّع من أجل تشييد المدرسة ، وإلى البذل والعطاء وإن كان يسيراً.

أخذ الشيخ رحمه الله في حثّهم وإثارة حماستهم وغيرتهم على تقدّم بلدتهم ، كلما تبرّع واحد من الناس وقف الشيخ يقول: فلان تبرّع بربع ليرة ، صفقووووا ،  فلان تبرّع بليرة ، صفقووووا ، وهكذا حتى لم يبق أحد من الشهود إلا وقدّم ما يقدر عليه ، أحدهم تبرّع بنقل البحص والرمل من وادي الزينة ، مع أنه لا يكاد يوجد معه “ما يعشي دوابه” كما يقال ، وهو-جزاه الله خيراً” -حسن حويلا أبو كيوف الجد . سعيد الطحش -المهول- تبرّع بتأسيس البناء . قيل : إن برجا عن بكرة أبيها ساهمت في إعلاء البنيان.

المدرسة افتتحت باحتفال مهيب تكلّم فيه الشيخ أحمد العجوز ورئيس جمعية المواساة عارف هاشم البرجاوي والأستاذ بهيج الخطيب والشيخ عبد الرحمن سعيفان.

حضر الإحتفال أعضاء الجمعية وعموم أهالي برجا، وكان من الأيام النادرة في تاريخها.


[1] – إنظر كتاب “الحياكة البرجاوية” لمؤلفه الشيخ جمال بشاشة، الملحق الثالث عشر صفحة 289.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
    أشكركم على التوضيح الكامل عن الشيخ الفاضل أحمد محيي الدين العجوز ، حيث أني أعلم الكثير عنه من بداية نشأتي، أما ماقبل هذا فقد علمته من تقريركم أعلاه ، جزاكم الله كل خير ، و أسكن الشيخ الفضيل فسيح جناته ، و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

  2. مع الشكر الجزيل لكل من يقدم تعريفا بهؤلاء النخبة.
    حبذا لو تقدمون لنا تعريفا عن الرئسي بهيج الخطيب : ولادته ووفاته
    وعن الشيخ فري دحروج والف شكر سلفا …….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى