من جراب الأمس

جامع برجا الأثري ورشة تأهيل وترميم

يُعتبر الجامع الكبير من أقدم عمارات بلدة برجا في أقليم الخروب وأشهرها على الإطلاق . فهو يدخل ضمن إرث لبنان عموماً وجبل لبنان تحديداً، لا سيّما وأنه تأثّر بالتيّارات العربية والإسلامية، وبالتيّارات المسيحية الشرقية، وبتجليات تلك الحقبات العميقة سواء في تركيبة العمارة أم في نماذجها الأساسية المتنوّعة. أما مبنى الجامع وفق روايات عديدة متوارثة عن المعمّرين في البلدة، فإنه يعود إلى أيّام الإحتلال الصليبي، حيث كان في الأصل كنيسة ثم حوّله المسلمون مسجداّ.

رئيس لجنة الجامع الشيخ جمال جميل بشاشة قال: هناك العديد من الباحثين والمهتمّين الذين ينقلون روايات تفيد أن البناء أقدم عهداً مما تذكره بعض الروايات وربما إتخذه المسلمون الآْوائل الذين قدموا مع الفتح الإسلامي إلى بلاد الشام وساحلها عام 16 للهجرة ، 637 للميلاد واستقرّوا فيها واتخذوه مسجداً لإقامة شعائر الدين.
وأكّد أنه لا يمكننا الجزم ما إذا كان المبنى يعود إلى العهد البيزنطي أو إلى ايّام الصليبيين ومن ثم أعد ليكون كنيسة أم إنه شيّد ليكون مسجداّ، لكن وجود جرن المعمودية يشير إلى أنه كان كنيسة. إضافة إلى بقاء المسجد من دون مئذنة حتى عام 1894، عكس عادة المسلمين الذين يبادرون إلى رفع المئذنة عند بناء المسجد.

يقع المسجد وسط حي سكني مكتظ بالسكّان يشكّل برجا القديمة، ويعتبر المركز الرئيسي بين مساجد برجا التي يبلغ عددها خمسة. وطالب الشيخ بشاشة المسؤولين والمعنيين الإهتمام بالأماكن الأثرية ومن ضمنها هذا الجامع الذي يشهد اليوم ورشة ترميم كبيرة، خصوصاً بالنسبة إلى جدرانه أو قاعاته ومداخله الرئيسية. وأفاد أنه ستكون ثمّة حملة تبرعات لتوفير الإمكانات اللازمة للترميم، وهناك مبلغ 18 مليون ليرة جاءنا من صندوق المهجّرين وصلت الدفعة الأولى منه إلاّ أنّ حاجيات المسجد كبيرة جداً ونأمل من المعنيين المساهمة في الترميم.

وأكّد بشاشة أنّ البلدية مطلوب منها إيجاد حل ما ” للأزقّة ” كي يكون الحي بكامله نموذجاً ومكمّلاً لجمالية وتراث المسجد، لاسيّما وأنّ بعض المنازل التي تحوطه تشوّه المكان. لذلك فإننا نطالب بتأهيلها.

عودة إلى الأصالة
من جهته أكّد المهندس المشرف على عملية الترميم أكرم سمير شبّو، أنّ عملية إعادة التأهيل تتطلّب إزالة المدخل الرئيسي مع حفر الأرض على مستوى الطريق لأنّ المدخل الحالي هو من الأسمنت ولا يناسب تاليا القيمة الأثرية للمسجد. وستتم إعادة بناء هذا الجزء بواسطة حجر صخري ورملي يتلائم مع الجدران الأخرى. وإزالة الورقة الإسمنتية أيضاً لإعادة الحجر إلى طبيعته وإبراز العقود الخمسة الموجودة فيه، إلى جانب الأعمال الإضافية كترميم النوافذ والمداخل. وركّز شبّو بدوره على وجود المسجد وسط منطقة أثرية مغطاة بالإسمنت بما لا يتناسب مع جمالية المكان، لذلك يجب أن تكون هناك إلتفاتة معيّنة للمحافظة على هذه القيمة الأثرية. وتحدّث عن فرصة ضاعت عندما سنح المجال لإقامة ساحة للمسجد من الجهة الجنوبية تتصل بالطريق العامة، وذلك عبر إستملاك إحدى الأراضي لكن وجود منزل أعيد بناؤه شكّل عائقاً وقطع الطريق الذي كان يفترض أن تكون للجامع. جامع برجا الكبير من أهم الجوامع الأثرية، زاره المتصرّف في جبل لبنان إسماعيل حقي بيك، وشيخ الطريقة الشاذلية في الشرق العربي محمد الهادي اليشرطي. نقلاً عن جريدة النهار 3 أيلول 2003 .

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى