وجوهٌ من بلدتي

حسين زيتون … العاشق المغمور

كتب الدكتور محمد عبد السلام الزعرت : ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن حسين محمد عمر ترو ( زيتون ) 1924 – 1991 *, وذلك لأسباب عديدة ووجيهة , فأنا أجهل حياة وشعر هذا العملاق في الشعر الشعبي الزجلي البرجاوي , وكل ما أعرفه هو شظايا وطراطيش سمعتها من هنا وهناك . إلتقيته مرة واحدة .

هو برأيي يشبه العديد من الأنبياء والعظماء , فهو راع , وهو أمي , وهو شاعر , وأخيراً فقد ظل عاشقاً عازباً .

حدثني عنه مرة إبن شقيقته المرحوم الأستاذ شامل عارف رمضان .

قلت له : يا أستاذ شامل , قل لي بربك , خالك حسين زيتون هل هو عاشق ؟

هل توجد امرأة في حياته ؟

أجابني شامل بعد صمت : نعم هو عاشق كبير . ثم سألني : ولم هذا السؤال ؟

قلت : سمعته مرة ينشد بيتاً  من الغزل , ولم يكد ينتهي من كلمة ” أوف ” حتى انهمرت دموعه , وهذا لا يحدث إلا مع الشعراء النبلاء .

أما لماذا حسين زيتون ؟ وليس حسين ترو ؟

أعرف أن هناك ألقاباً كثيرة في القرى وخاصة في برجا , فكما عندنا زيتون كذلك عندنا الخروبة والزعرور والموز , وكلها أسماء أشجار .

كان حسين زيتون يشتري بعض حاجياته من دكان علي البراج وخصوصاً الدخان , وكان محيي الدين معروف رمضان يملك ملحمة قرب علي البراج أعالي الزقزوق .

علم محيي الدين بوجود شاعرنا زيتون , فبادر لتسديد المبلغ لعلي البراج من دون إبلاغ حسين زيتون بالأمر !

ولما أقبل حسين زيتون ليسدد ماعليه , قال له علي البراج : واصل !

فأدرك حسين المسألة وأنشد هذين البيتين من العتابا تحية لكرم إبن معروف رمضان : سيوف الغاب ع قلبي محدّين … ومين غيرك يا معروف محي الدين ( محا الدّيْن ) . إلهي , الرب يبعتلك محي الدين … تـ قضّي نص عمري ع العتاب …

وهذا البيت من الهجاء والفخر رواه أحد عارفي حسين وأقربائه .

تحدّاه أحدهم مرة واسمه  ” عدنان ” , محاولاً التقليل أو التشكيك بشاعريته , فسكت حسين قليلاً ثم قال :

أنا بأعلى السما ناصب بُرج لي … إن زقرت الصخر يا عالم بـ رُجّ لي .

ياعدنان إن ضربتك بـ رِجلي … بخشت السما وربعك هرب …

أما الحكاية الثالثة فهي حادثة وقعت بين حسين زيتون وسائق سيارة صغيرة من شحيم .

كان حسين يريد العودة من الدامور حتى مفرق برجا في الجية  , ولم يكن في جيبه فراطة سوى ربع ليرة !

في حين كانت أجرة السيارة حوالى 40 قرشاً , فأخذ السائق الربع على مضض وأخذ يتبهورعلى حسين زيتون طول الطريق محاولاً استثارته ونكرزته !

قبل أن تصل السيارة إلى مفرق برجا صرخ زيتون في أذن السائق هذه الأبيات :

أوف أوف أوف .

إبن شحيم ركّبني بـ مكنتو ( سيارته ) … عليّي صار يتباهى بـ مكنتو ( مكانته ) .

يا بن شحيم لو برجا ما كنتو ( لم تكونو ) … لا نلتو لا نيابه ولا رتب .

وهناك حادثة رواها مصطفى الحاج وهي تتعلق بحوار أو مبارزة بين الشاعر مصطفى محمود ( القعقور ) من بعاصير مؤلف أغنية وديع الصافي الشهيرة ( الليل يا ليلى يعاتبني ) .

قيل إن مصطفى القعقور بدأ بيتاً من العتابا وطلب من حسين أن يكمله .

في البيت يصف مصطفى محمود فتاة رائعة الجمال وقفت تتعرى على شاطىء البحر تريد السباحة , فقال مصطفى محمود :

وقفتي بوجّ البحر وضحكتي إلو … ع الشط لما تفرّع الجسم الحلو .

وهنا أكمل حسين زيتون بالأوف :

صار موج البحر يشعر بالحنين … يوصل لعندك مالح ويرجع حلو .

فهل هناك أجمل وأحلى من هذا الكلام !

————————————

نشر في دورية برجا التراث .

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. anafi 2osa same3a 3ana 7abet 2oula kan fi nas da3yinou masi7iyi w kanou 3am yechrabou w ma3en neswan bas wesel sarou yetmas5arou 3ala lebsou kan yelbos lobs fala7in 2alen (nabiy l hachmi l kan 2omi 3alamni ti3 bayi w ti3 2omi ya di3an l nebi bhek 2omi ma bte7sob l jhanam 7sab)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى