إذا قال الأزهربرجا الآن

النهار : وثيقة تاريخية للأزهر عن الحريات العامة

 

 

خطا فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في اتجاه مواكبة ” الثورات ” والتغيير العربي وطمأنة الفئات الواسعة من القوى العلمانية والليبرالية والأقليات العربية بإصداره وثيقة “الحريات العامة”، التي قال إنه سيقدِّمها إلى المسؤولين المصريين للأخذ بها في الدستور الجديد للبلاد .

مشدداً على أن غالبية القوى السياسية في مصر أيَّدت الوثيقة ، كما دعمتها الكنيسة القبطية المعني الأول بها بعد التوترات التي أثارتها بعض المواقف السلفية في الآونة الاخيرة من مسائل عدة ، وكان أبرزها “تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد ومشاركتهم الاحتفالات “.

والأهم في الوثيقة أنها تعبر عن رؤية المؤسسة الدينية الأعلى لدى المسلمين السنة وتشكل موقفاً ثقافياً وفكرياً حاسماً في مواجهة الكثير من الإشكالات التي أثارتها الحركات والقوى الإسلامية لحركة التغيير وسقوط الأنظمة في العالم العربي .
وأعلن أمس في القاهرة عن لقاء  ضم رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري وشيخ الأزهر والبابا شنودة الثالث المعني الأول بما يجري في مصر من تحولات قد تمس الأقباط ، وعقد الاجتماع في مقر مشيخة الأزهر واتفق على وثيقة “الحريات العامة” ، وشارك فيه ممثلون لمختلف القوى والتيارات ومن بينهم “حزب النور” السلفي الذي كان قد شدد في تصريحات له على ضرورة أن تتطابق الوثيقة مع أحكام الشريعة .

 أما من الخارج ، فقد سارع الرئيس أمين الجميل الذي كان زار مصر والتقى شيخ الأزهر وبابا الاقباط ، وطالب مراراً بإصدار شرعة مبادئ لـ”الثورات العربية” ، إلى تأييد وثيقة الازهر ، واتصل هاتفياً بشيخ الازهر ، معرباً له عن تقديره “للوثيقة التاريخية التي يقتضي الاقتداء بها على صعيد الثورات والأنظمة العربية الجديدة ، إذ تطرح مقاربة عربية وإسلامية جديدة وتصب في خانة حقوق الغنسان واحترام التعددية والتعايش بين الأديان والاعتراف بالآخر والمساواة” .
وتتوزع الوثيقة التي تلاها شيخ الازهر في مؤتمر صحافي على أربعة أبواب هي : حرية العقيدة ، الرأي والتعبير ، البحث العلمي والفن والإبداع الأدبي ، لتكون أساساً يتضمنه الدستور المصري الذي سيتم إعداده ، مشيراً إلى أنها “تعبّر عن رؤية المؤسسة الدينية ، بالتعاون مع المثقفين والمفكرين ” . وتحظر الوثيقة أي نزعات لـ “الإقصاء والتكفير” ، وترفض “التوجهات التي تدين عقائد الآخرين ومحاولات التفتيش في ضمائر المؤمنين بهذه العقائد”، وتُجرم أي مظهر لـ “الإكراه في الدين ، أو الاضطهاد أو التمييز بسَبَبِه ” ، وتُشدد على أن “لكلِّ فردٍ في المجتمع أن يعتنق من الأفكار ما يشاء، من دون أن يمس حقّ المجتمع في الحفاظ على العقائد السماوية”.
والأهم في الوثيقة ، حرية العقيدة وما يرتبط بها من حقِّ المواطنة الكاملة للجميع “مكفولةٌ بثوابت النصوص الدِّينية القطعيّة وصريح الأصول الدستورية والقانونية” .

 وأكدت أن “للأديان الإلهية الثلاثة قداستها ، وللأفراد حريّة إقامة شعائرها من دون عدوان على مشاعر بعضهم أو مساس بحرمتها قولاً أو فعلاً” ، والتسليم بمشروعية التعدد ورعاية حق الاختلاف ووجوب مراعاة كل مواطن مشاعر الآخرين والمساواة بينهم على أساسٍ متينٍ من المواطنة والشراكة وتكافؤ الفرص في كل الحقوق والواجبات”.
وفي مسعى الى التعامل مع مسألة الحريات العامة وعلاقتها بالدين ، إعتبرت الوثيقة أن الدعوات التي تتذرع بالدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للتدخل في الحريات العامة والخاصة ، لا تتناسب مع التطور الحضاري والاجتماعي لمصر الحديثة ، فيما تحتاج البلاد إلى وحدة الكلمة والفهم الوسطي الصحيح للدين والذي هو رسالة الأزهر الدينية ومسؤوليته نحو المجتمع والوطن” . ورأت الوثيقة أن “حرية الرأي هي أم الحريات كلها”، وأيّدت حرية تشكيل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ، ومشددة على “ضرورة احترام عقائد الأديان الإلهية الثلاثة”. 

منقول عن جريدة النهار 12 / 01 / 2012 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى