من جراب الأمس

بيت التراث … زخم الشباب من أجل مدينة الغد

كتبت مجلة الاقليم  في عدد نيسان 1999 تقول : من نشاط إلى نشاط ، بزخم وعزيمة الشباب ، انطلقت جمعية بيت التراث في برجا في أْيلول الماضي ، لتجمع ما لا يجمعه الدهر من شباب التقوا للاهتمام ببيئتهم وهويتهم المحلية والاعتزاز بالقيم ، عبر عمل ميداني يتشعّب في أكثر من مجال وعلى مدار العام . عبر الأركان التي على أْساسها تم تنظيم الجمعية وهي :

ركن العمارة ، الموسيقى والفلكلور ، البيئة والزراعة ، العادات والتقاليد والأدب الشعبي ، الفنون التشكيلية ، التاريخ والآثار ، وركن الحرف .

وبعد اجتماعات تحضيرية مكثفة رافقها البدء بالإجراءات القانونية منذ قبل الإطلالة الأولى في أْيلول ، أعلنت الجمعية عن نفسها عبر ” بروشور ” قيِّم يعرّف بها وببعض معالم البلدة ، ويحدد أهدافها : الاهتمام بتراث برجا والتراث الوطني العام والتعريف بتراث برجا الثقافي والفني والمعماري وبعاداتها وتقاليدها وبحرفها وتنسيق ودعم الأْنشطة لحماية تراثها والعمل على إنشاء مركز للمعلومات والتوثيق والدراسات وتنظيم مختلف النشاطات والأعمال لتحقيق هذه الأهداف كالدورات والمحاضرات والحفلات والمهرجانات الفلكلورية والمعارض .

وتميّزت الجمعية منذ انطلاقتها بطرح مفهوم واسع للتراث على أنه مجموعة من القيم المادية والمعنوية والثقافية ورثناها من الماضي ، وينبغي على كل جيل أن يحفظها ويغنيها من أجل تسليمها إلى الأجيال اللاحقة ، فتراثنا هو هويتنا وإرثنا المشترك الذي ينبغي تضافر كل الجهود لحمايته وحفظه وأبرازه وتنميته ، فما خلفه الأْجداد لا بد من فهم قيمته في تشكيل ذاكرتنا ودوره الفعال في حياتنا وقيمنا ومفاهيمنا ، وأن وعي الناس بتراثهم وإطلاعهم بمسؤولية الحفاظ عليه مدخل هام إلى مستقبل مشرق وواعد .

وكان لا بد أن يلاقي هذا الطرح قبولاً وتشجيعاً من شريحة الشباب الواعي ، الذي يعاني في الوقت نفسه من ضعف المؤسسات السياسية والاجتماعية أو من ضيق طروحاتها ، وهذا ما فسّر الاجتماع الشبابي الواسع حول الجمعية ، في التأسيس وفي الأنتساب وفي المناسبات التي أقامتها الجمعية .

وصحيح أن الجمعية تأسست بسرعة ، وسط بلدة تشهد منذ بعض الوقت إلحاحاً على القطاع الشبابي ليفعّل دوره على مختلف المستويات ، لكن السرعة تلك ، ترافقت مباشرة مع مجموعة نشاطات استقطبت الاهتمام وأعطت مصداقية للجمعية .

إذ جاء شهر رمضان المبارك غداة الإعلان عن الجمعية ، لتبرز هذه الأخيرة وتثبّت موقعها ، فكانت أوّل حملة لإضاءة ساحة العين ، بمشاركة للمحلات التجارية ومتبرعين ، وكانت رعاية الجمعية لاستضافة شيخ القراء العرب ، الشيخ السيد متولي عبد العال طيلة عشرة أيام وليالي ، فشارك في إحياء المناسبات الرمضانية في المساجد والمنازل .

وكانت المحاضرة التي نظّمتها الجمعية في مسجد برجا الكبير لمفتي البقاع الشيخ خليل الميس حول الشباب في الإسلام ، وكان ختام موسم نشاطات رمضان بالاحتفال التراثي الكبير وسط أجواء أمتعت الحاضرين الذين غصّت بهم قاعة الهابيناس ، والذي أحيته فرقة نغم للتراث التابعة للجمعية ، بقيادة خالد الجنون .

وساد الاحتفال هذا جو من الديكور التراثي الذي أعدته الجمعية وتنظيم دقيق من أعضائها الذين يشتركون لأول مرة في إعداد هكذا حفلات ، مما أكسب الجمعية تقديراً لطاقاتها وجديتها .

وأذا كانت الجمعية قد تعرّضت خلال رمضان لبعض التساؤلات والانتقادات في المجالس الخاصة من قبل محبّذين لتجمعات أخرى ، إلاّ أن ذلك عاد وتلاشى ، ولا بد أن يزول لاحقاً ، ذلك أن الجمعية لا تطرح نفسها مزاحماً لأي تجمع في البلدة ، بل تتسّع للجميع ، بمن فيهم المنضوون في جمعيات ونواد أخرى ، لأن لا تضارب بين نشاطات كل منها بل تكامل في سبيل حيوية برجا ، المتقدمة نحو المدينة والتي تحتاج لرعاية من جميع أبنائها .

وبعد رمضان استأنفت الجمعية الإعداد لبرنامج نشاطاتها ومنها : معرض للصور التاريخية ، ومعرض للحرف والأشغال اليدوية والمقتنيات القديمة والعشاء القروي .. غير أنها ، رأت من واجبها في آذار الماضي أن لا يمرّ يوم عيد المرأة العالمي وعيد الأم ، دون إحيائهما في برجا ، فبادرت الجمعية إلى إقامة إحتفال حاشد بالمناسبة .

وفي هذا الوقت كانت الجمعية انتهت من إعداد مسابقة للتلامذة والطلاب في المدارس حول تاريخ البلدة ، فوزعت القسائم على أكثر من 800 تلميذ ، هذه المسابقة تحفّز النشء على الإلمام بمحيطه وتاريخه ، بما يتجاوز المناهج التقليدية ، ويحفزّهم أيضاً على البحث ، ويشدّهم إلى أرضهم ومجتمعهم ، هوذا مفهوم حضاري للتراث .

بوركت الإرادات التي أنشأت هذه الجمعية والتي فعّلتها وضختها بدم شبابي ، لا يستقيم أداء أي جمعية بدونه . وإلى الأمام دوماً لخير الشباب وبرجا ، متجاوزين دائماً العثرات . مستفيدين دوماً من عِبَر الثغرات .

المؤسسون : الشيخ جمال جميل بشاشة –  مصطفى أْحمد الحاج –  محمود يس الزعرت – فادي درويش شبو – د خالد معروف شبو –  اهاب معروف الزعرت – محمد وليد الحاج – صلاح معروف شبو – محيى الدين محمود سيف الدين – د رغيد أْمين شبو – سهيل عثمان الشمعة – هيثم سليم رمضان – نادر علي سيف الدين – محمد عمر الغوش – خالد محمد حوحو . منقول عن مجلة الاقليم المتوقفة عن الصدور عدد نيسان 1999 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى