برجا الآن

حريـق جـدرا يلتهـم مصنـع المفروشــات والعمـال فـي إجـازة

كتب أحمد منصور : خطف حادث الحريق ، الذي تعرض له مصنع المفروشات، في بلدة جدرا على ساحل الشوف، الأضواء بفعل ضخامة النيران وفداحة الخسائر التي مُني بها. وفي الوقت عينه، أظهر الحادث مدى هشاشة وضعف مؤسسات الدولة في حماية المنشآت والمصانع والمعامل، وتعزيز وجودها، كونها تشكل مداميك الاقتصاد اللبناني واستمراريته في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. وأظهرت النيران التي اشتعلت ليومين حتى قضت على المعمل، الحاجة الماسة والضرورية لتعزيز جهاز الدفاع المدني، والتفاتة جدية وفعلية من الحكومة، لا أن تقتصر الوعود والجهود على الكلام والتمنيات، لما يشكل ذلك الجهاز من منقذ وحام لتلك المؤسسات عند تعرضها لأي حادث حريق.
وعلى الرغم من استنفار وجهود عناصر الدفاع المدني في مراكز شحيم، والدبية، والدامور، والمطلة في إقليم الخروب، والاستعانة بمراكز صيدا وبيروت وجزين، فإن ثمة مشكلة كبيرة وأساسية تواجه الدفاع المدني في المنطقة في عدم وجود مصادر للمياه لتغذية آليات الدفاع المدني بها، على الرغم من أن المصادر التي تعتمدها أطفائيات الدفاع المدني، في الإقليم لا تلبي الحاجة، والتي هي مخرج شحيح في بلدة داريا من مياه الباروك، وموقع آخر في صيدا بالقرب من جبل النفايات. ويتم اعتماد موقع ثالث من بئر ارتوازية في بلدة الناعمة لمصنع الكونكورد. وتلك المصادر لا تكفي، خصوصا لناحية بعدها عن مواقع الحريق والتي تتسبب بتأخير وصول الأطفائيات إلى حد ما لإخماد الحرائق. وهذا ما حصل في معمل جدرا.
ولليوم الثاني على التوالي واصل عناصر الدفاع المدني من مركز شحيم الإقليمي أعمال إخماد جيوب النيران في المصنع، لا سيما في الطبقة السفلية، التي تهدمت بفعل قوة الحريق. ولهذه الغاية، استقدم الدفاع المدني رافعة لفتح ثغرات والمساعدة في إخماد النيران تحت الأنقاض، التي ما زالت يتصاعد منها الدخان الشديد الحرارة، فيما تجمع عدد من العمال وراحوا يراقبون الأنقاض وعيونهم تدمع على الخسائر وعلى مصادر رزقهم ومعيشتهم.

70 عاملاً «لن يصرفوا

——————————

وتفقد صاحب المصنع حسين البطل، وعدد من المسؤولين فيه، واطلعوا على مجمل الأضرار. وأشار البطل إلى أن «المصنع حديث العهد، وقد بدأ العمل فيه منذ سنة تقريباً. ويضم قسما للنجارة، وقسما للدهانات، وقسما للتنجيد»، لافتاً إلى أنه مكون من ثلاثة هنغارات، الأول عبارة عن طبقتين، الأولى تضم الإدارة والمكاتب، والثانية تضم صالة للعرض وقسما للطريات. والهنغار الثاني مكون من طبقتين ومستودعات، والهنغار الثالث مكون من ثلاث طبقات. الأولى منجرة، والثانية للدهانات، والثالثة للتنجيد، على عقار تبلغ مساحته 12000 متر مربع. فيما تبلغ مساحة الهنغارات 8000 متر مربع.
البطل، الذي ينتظر نتائج التحقيقات، اعتبر أن «الحريق انطلق من قسم التنجيد، حيث كانت شركة «ميكانيكس» المختصصة بصيانة الهنغارات، يقوم عدد من عمالها بأعمال صيانة دورية لسقف الهنغار لمنع نش مياه الأمطار، فانطلقت شرارة وأصابت مستودع الإسفنج فحصل الحريق بسرعة، فحاولنا الاستعانة بمطافئ المصنع لكننا لم نتمكن، لأن الدخان الكثيف الذي انتشر بسرعة حال دون ذلك، فأخرجنا على الفور جميع العمال إلى الخارج، وامتدت النيران بسرعة فائقة إلى هنغار الوسط والمستودعات التي تضم المفروشات الجاهزة، فاحترقت طبقتان بالكامل ومن ثم امتدت النيران إلى صالة العرض». وتابع «على الفور اتصلنا بالدفاع المدني، ومخابرات الجيش، والقوى الأمنية. وطلبنا إحضار طوافة. ولكن كان الرد أنه لا طوافة. وفي الوقت نفسه، حصل تأخير في وصول سيارات إطفاء الدفاع المدني لنحو الساعة، بعدما كانت النيران التهمت المصنع».
وأسف لعد استخدام الجيش طوافة، «فلو حضرت مع آليات الدفاع المدني مباشرة، لما كانت الخسائر فادحة»، مشيراً إلى أن «المصنع يشغل 70 عاملاً من جنسيات لبنانية ومصرية وسورية»، مؤكداً أن «الهدف منه إنماء المنطقة وخلق فرص عمل جديدة»، لافتاً إلى أن «قسم المنجرة هو الذي سلم من الحريق». ولفت إلى أنه «في انتظار تقرير الدفاع المدني، وتقرير شركة التأمين، وتحقيق النيابة العامة، للبدء برفع الأنقاض وإعادة بناء المصنع من جديد»، مشددا على أن «العمال لن يصرفوا، وأنه تم إعطاؤهم إجازات لفترة عيد الأضحى».
وشدد البطل على ضرورة تعزيز الدفاع المدني بالعناصر والتجهيزات اللازمة ليتمكن من القيام بواجبه، مشيراً إلى أن العناصر عرّضوا أرواحهم للمخاطر خلال تأدية واجبهم، مناشداً الدولة حماية المنشآت الصناعية اللبنانية لتعزيز الصناعة الوطنية.
ولفت إلى أن القتيل هشام حلال كان من عداد شركة «ميكانيكس»، وأن القتيل الآخر يدعى محمود الأصمعي وهو سوري الجنسية، وكان يقوم بأعمال صيانة للصحية في أحد الحمامات في المصنع.

منقول عن جريدة السفير .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى