وجوهٌ من بلدتي

محمود البربير… حكيم الضيعة.


88كتب الأستاذ جمال محمد نور المعوش:

محمود عبد المجيد البربير، مواليد سنة 1927.
بقي لأكثر من 45 عاماً يداوي أمراض وجروح أبناء بلدته برجا والجوار.

لم يكن محمود “أبو العبد” طبيباً بالمعنى الرسمي المتعارف عليه، كان حكيماً بالفطره.

ورث مهنة الطب عن جده لوالده الشيخ محمود الذي كان معروفاً أيام زمان بمداواة المرضى، فتتلمذ على يديه وهو بعد صغيراً.

كان ذكياً نبيهاً وجريئاً ماهراً في طبه لاسيما وأنه من عائلة معروفة في دنيا الطب.
أقاربه كانوا أطباء في مستشفى البربير في بيروت.
لم يكن يوجد غيره في الضيعة  في ذلك الوقت.

عرفته وأنا بعد طفل عندما كنت أذهب الى محل والدي محمد نور في ساحة الضيعة.

كنت أراه منتصباً أمام منزله حيث يعالج المرضى بأناقته المعهوده وغليونه الضخم ووجهه البشوش المبتسم باستمرار.

في جيب سترته مجموعة أقلام فاخرة.

ما ترك مريضاً إلا وعالجه، هذا يشكو من ألم في المعدة مع إسهال، وذاك من إمساك، وآخرأصيب بلدغة عقرب ويلزمه إبرة كزاز … وغيره أصيب بجرح في الرأس بينما كان يعمل في الحقل، فيقوم بتقطيبه، وأولاد صغار حرارتهم عالية يداويهم بما تيسر وهكذا.

أما الحالات الصعبة فكان يوصي مرضاه بالذهاب إلى صيدا.

مجرد أن تذهب إليه تطمئن نفسياً من وصفاته.

باختصار بلسم جروح أبناء بلدته وجوارها في وقت لم يكن يوجد فيه اطباء اختصاصيون كما هو اليوم .

كان أبو العبد حديث الضيعة، ما إن يصاب أحدهم بعارض صحي حتى يقال له: لعند أبو العبد ياالله.

أتاه مرة أبو عوني وهو شخصيهة طريفة، وضع السماعة على صدره وطلب منه أن يأخذ نفس. أجابه أبو عوني: حط ناره !!!

في إشاره إلى الأركيله التي ما كانت تفارقه.

لاحقاً إفتتح أبو العبد صيدلية في الزقزوق بجانب منزله. فيها مختلف أنواع الأدوية .

علم أولاده الطب في الخارج، د. صائب والصيدلي إبراهيم” وظل بعض المرضى ممن يعرفونه ولا يثقون إلا به يرددون: أبو العبد من نظرته إليك بيعرف شو إشبك.

ولا زالت الصيدلية قائمة في ساحة الضيعه.

بقي أبو العبد على هذه الحالة حتى وفاته سنة 1997 عن عمر 70 عاماً قضاها في البذل والعطاء وخفة الدم وعمل الخير “ما كان ياخذ أجره من الفقراء”.

رحمة الله عليه كان من جيل عمل بكل صدق وكان ودوداً ، حسن المعشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى