قل كلمتك

لصوص الثورات

كتب عباس المساوي : مع هبوب الإعصار الثوري الشبابي في شتائنا الساخن ، تغير وجه المنطقة العربية كلياً وصُنع التاريخ ، وتغيرت المصطلحات ، واختلفت المسميات ، ووقف الزمن منحنياً إلى الأعلى مشدوها بصنيع بائع متجول أحرق جسده في رسالة احتجاجية أراد تقديمها الى من يهمه الأمر ، فاحترق لذلك قصران رئاسيان بما يمثلانه من رمزية صنمية محمية بأعتى قبضة أمنية قلّ نظيرها ؛ أما القصور الواقفة فهي على سكة الانتظار يلاحق الزمن أنفاسها بسرعة البرق ولا تدري متى يحين أجلها لكن المهم أن أيامها باتت تحسب بالأيام أو الأسابيع وليست بالشهور . في أتون ذلك ثمة حقائق مغفولة توارت خلف غبار الأحداث وخفتت وسط ضجيج الأصوات وتمزقت تحت حوافر الأقدام .
أولها أن هذه الثورات الشبابية عرّت الوجوه الملونة من أصحاب الشعارات الرنانة التي صموا بها آذاننا طيلة 40 عاماً والتي لم تغير فقرة في دستور ، ناهيك أن تغير حاكماً أو نظاماً .
أما الحقيقة الثانية فقد اثبتت ثورة الشباب ان الاحزاب العربية المعارضة غير جديرة بالقيادة وغير مؤهلة للتغيير وأنها معارضة كرتونية هزيلة متكلسة عقيمة أضاعت الوقت في الأمنيات ودجن الكثير من قادتها حتى غدو الوجه الآخر للنظام يستخدمها مختالاً بإنجازاته الديمقراطية في كل زيارة يقوم بها الى البيت الأبيض؛ فما صنعه الشباب في أيام معدودات لم تصنعه المعارضات بعشرات السنين.
أما ثالثة الأثافي فهي انقلاب القتلة ومفرعني الفراعنة وحرامية السلطة الى أحمال وديعة يذرفون دموع التماسيح على شعوبهم التي أشبعوها قتلاً ونهباً، فتحولوا بين ليلة وضحاها أنصاراً للديمقراطية وأعواناً للحرية، بعد ان كانوا بالأمس القريب
يطوفون حول أسيادهم ويسبحون بحمدهم ويتبركون بآثارهم، وصوروا لهم المنكر حسناً والظلم عدالة والسرقة شطارة والقتل جائزاً مادام بحق من يحلمون بالحرية او العيش بكرامة، فكم افواه كمّموا وكم حرية صادروا وكم أموال نهبوا حتى حولوا دولهم الى مزارع خاصة بهم وبأولادهم وأقرابهم وأصهارهم ومواليهم.

واليوم يخرجون علينا في الفضائيات منددين بربهم ومتبرئين من كل افعاله وأجرامه وهم من شاركوه كل شيء بل هم المدانون الأولون لأنهم هم من أشاروا وحرضوا وجعلوه بمنزلة الإله وكانوا يده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها.
ما يجب أن يعرفه العالم أن ثورة الشباب لم تأت من رحم الأحزاب العربية المعارضة ولم تكن مؤدلجة دينياً، بل كانت صنيعة شبابية خالصة قادها الشباب وحقق نصرها الشباب عنوانها استعادة الكرامة والانتصار على الصنمية التي طبعت المشهد السياسي العربي طيلة نصف قرن تقريباً؛ وهو ما أثار في نفوس أولئك اللصوص الحنجوريين والمعارضين الفاشلين الغيرة منها فذهبوا يتصدرون المواقف وينصبون أنفسهم ناطقين باسمها، أرادوا سرقتها في رابعة النهار ونسب إنجازاتها اليهم في أبشع محاولة للسطو سيسجلها التاريخ.
إن الشباب مدعو الى أن يأخذ حذره من أولئك المتسلقين وأن يقدم قادته من بين أوساطه وأن يواجه هذا الطابور بمشاريعه ورؤاه ليقطع الطريق أمام الجهنمية الزاحفة على إنجازاته. منقول عن موقع العربية نت .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى