يحدث في الشوف

لما دُهش الأمير الأرسلانيّ من الكرم البرجاوي !!!

تولّى نعوم باشا المتصرفية سنة 1892 . وكان قائمقام الشوف يومئذ الشيخ سعيد حمدان ” باتر ” بعد إقالة نسيب بك جنبلاط سنة 1891 . ويظهر أن اليزبكية ” الغرضية اعتزت في زمانه . فأقيل الشيخ سعيد حمدان المذكور وحل محله الأمير مصطفى الأمين أرسلان . وكان من رجال الدولة المخلصين كما . ولذلك سعى سعياً حثيثاً لرفع منار الشوف وتعزيز السلطان وإحاطتها بالمهابة والتقدير .

وكان من أجلّ الأعمال التي عملها ، أنه عزم على – بل باشر – بناء السراي في بعقلين مركز القضاء يومئذ . واختار لذلك ، المحل المناسب في الحديقة الغربية التابعة لسراي المعنيين .حيث كان الشيخ محمد حماده ، أكبر أحفاد الشيخ حسين حماده ، بنى في مركز السراي المعنية – دار الحكمة – وترك قصر جده ” دار الحكم ” واستقر في المركز الروحي .

وحيث كانت ميزانية الجبل في عجز من أيام رستم باشا وواصه باشا ولا يوجد فيها وفر للبناء ، فقد رأى الأمير مصطفى أن يُجبر الميسورين من وجوه الشوف بالدفع ، كل حسب استطاعته . ولذلك أرسل لبعض وجهاء الإقليم من اليزبكيين أن يوافوه إلى بعقلين . وقد عرفنا من الذين لبّوا الطلب : علي الحاج الحجار وعلى الميسو الحجار وأحمد صالح الحجار من شحيم وحسين ضاهر حسين يوسف من داريا  ودرويش البراج ” جد آل البراج من برجا ” وغيرهم ممن لم تصلنا أسماؤهم . ومن المفيد والتفكّهة ، أن نذكر الكيفية التي تم بها التبرع والمبالغ التي دفعها المتبرعون .

فرض الأمير مصطفى على : علي الحاج الحجار ماية ليرة عثمانية ذهبية وعلى الميسو الحجار خمسين ليرة وعلى أحمد صالح الحجار مثل ذلك ، وطلب من حسين ضاهر حسين يوسف ” داريا ” خمسين ليرة ذهبية . فأجابه : لا أستطيع أن أدفع هذا المبلغ . فقال الأمير : إذاً تدفع ماية ليرة . فقال له : لا أستطيع . قال الأمير : بل تدفع مايتين . فسكت عندئذ حسين ضاهر ودفع المايتين على مضض ، ولما جاء دور البراج ، وكان يلبس قميصاًَ مفتوحاً على صدره ، كما حكى لي جدي وأيّد ذلك أحد المذكورين حسين ضاهر حسين يوسف قال : وكنا نستخف به وندردش عليه طول الطريق ، فنبكل له قميصه فيفك أزراره .

لما جاء دوره نظر إليه الأمير مصطفى مشفقاً ثم سأله : كم تستطيع أن تدفع يا براج ؟ قال له ذلك لأن منظره كان يوحي المسكنة . فأجابه البراج بنبرة قوية شديدة : إجمع لي كم دفع الجميع . فقال له : دفعوا أربعماية ليرة . فعندئذ حل البراج كمره ودفع ضعف المبلغ .

بُهت الأمير وجمع المبلغ مكبراً أريحيته . وهكذا شيد الأمير مصطفى الأمين أرسلان السراي الحالية وقدمها للبنان عامة ولبعقلين والشوف خاصة . فجزاه الله عن الأمة خيراً . عن كتاب تاريخ إقليم الخروب لمحمد الميسو الحجار .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى