وجوهٌ من بلدتي

أم نبيل الشمعة ولمّا دَفَق البَسْط !

خيّاطة زمانها كانت …

قول يردده كلُّ من عاصره …

على يد عائشة جراد الغوش تعلّمت …

عمّتها التي لاذت بهذه الصنعة بعد أن ” فاتَهَا ” زوجها حسين عليّ شبو وهاجر إلى أميركا في عشرينيّات القرن العشرين .

يُحكى أن ” حسين ” هذا وبعد أشهر عدّة من سفره , بعث برسالة إلى شقيقه ناطور برجا  المهيب الشديد ” محمد ” يطلب منه فيها ” أجار الرّجعه ع برجا ” !

إلى الخرّوبة على تربة الضيعة هرول أبو عليّ ومعه ” جفته ” ومن تحتها وجّه سُبابه نحو الغربة وأهلها :

” غربه وغربه … ألله يلعن الغربه . والّلي قلّو : سافر , ريتو ينام بالتّربه “

من هناك صوّب ناحية البحر هاتفاً : ” خود يا أخو الشليتا , هادا أجار الطريق ” !

وكان ” أجار الطريق ” ضربين في الهواء باتجاه أميركا عبر ساحل الشوف !

تستحضر السيدة خديجة سعد الدين محمد الغوش المولودة عام 1921 من ذاكرتها أشياء وأشياء .

حتى اليوم ما زالت عيناها تفيض بالدمع على ابن خالها من جهة أمّها ” سليم محمد سليم يحيى ” المتوفى عام 1940 شاباً فتيّاً !

عجبي للعاطفة التي ما خبَت على كرّ الأيام والسنين !

أيامنا يا جمال كانت ” إيام بسط ” .

اليوم ” ما حدا بيروح لعند حدا ” .

ليتك عشتها … ليتك رأيتنا عصر نهاراتنا في دار ” بيت بوخانه ” وعلى أدراج وعتبات ومصاطب حارة الجامع الكبير بعد فراغنا من أشغالنا البيتيّة !

برجا كانت تعجّ بالشرانق والنحل والعسل , بالحياكة والبركة .

أحمد حسن الشمعة ” عيانه ” هو الذي ” نقّاني ” لأبي نبيل حسين محمد الشمعة سنة 1940 …

من فلسطين كان أبو نبيل يرسل لي أسماء الأولاد مع جميل تمامه .

أولادي جميعهم ” خلّفتن ” على يد فهّوم – وهي فهيمة سليم يحيى زوجة يونس إدريس – التي كانت هي والحاجة ندّا الحاج تتشاركان توليد نساء القرية في ذلك الزمان .

آلة الخياطة لما تزل في دارها مع ” أواعيها ” ورثتها من عمّتها … ” المكنه ” التي مضى عليها قرابة مئة عام … خاطت عليها شراويل الرجال ومراييل الأولاد والفساتين والبرانس .

من زميلاتها الخيّاطات تأتي ” أم نبيل ” على ذكر ” فوزية البدوي ” أرملة أمين المعوش و ” درويشة ترو ” والدة الأستاذ حسن محمد الدقدوقي .

أول الستينيّات انقلبت أحوالنا يا جمال

خير يا أمّ نبيل ؟

فتح ” الزلمي المطعم وقال الكريم خود ” .

” دفق علينا البَسْط ” .

فول أبي نبيل وحمّصه أشهر من أن تُعرّف بهما .

” إيدي وإيدو بالمطعم  ” .

كان يخلع عليّ لقب ” البنك ” فقد كنتُ حارسة ماله الأمينة عليه .

رز بحليب , خبيصة – مقالي – شوشبراك – فتّة – رشتا بحليب … ” وشو بدّي قلّك تا قلّك ” .

عمّرنا وربّينا أولادنا من عوائد المطعم .

سقى ألله ياشيخ …

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى