برجا الآن

علاء الدين ترّو : السمكة التي لا تريد العيش خارج البحيرة الاشتراكية

كتب جهاد بزي في جريدة السفير : في واحدة من اللحظات غير الغريبة عن السياسة اللبنانية، صعد سؤال إلى مرتبة تداني أسئلة وجودية: لمن سيذهب صوت النائب علاء الدين ترّو في الاستشارات النيابية للتكليف؟
العقدة الدرامية كانت: ترّو حزبي اشتراكي، وترّو نائب عن أحد مقعدين سنيين لإقليم الخروب. عقدة انتفخت بينما بورصة الارقام تتأرجح بين الرئيسين نجيب ميقاتي وسعد الحريري، في ظل صمت نواب «اللقاء الديموقراطي» حينها، وفي ظل قلّة معرفة للبنانيين بالنائب الدائم منذ العام 1992 الذي يبدو أن الاعلام ليس في سلم أولوياته. وحين كثرت التكهنات حول مآل الأصوات في «اللقاء الديموقراطي» نفسه، كان هناك من ينقل عن رئيسه النائب وليد جنبلاط أنه لن يحرج ترّو في خياراته، فابن الحزب الاشتراكي هو ابن برجا أيضاً… لا بل ثمة من يقول في «حزب الله» إن جنبلاط لمّح الى ذهاب صوت ترو.. لسعد الحريري.
والغريب أنه بينما لم يكن خيار النائب مروان حمادة، الذي لم يشتهر عنه يوماً إلا أنه درزي وجنبلاطي، مفاجئاً لأحد، كان خيار ترّو، السني ـ الاشتراكي مفاجأة.
غير أن النائب ذا الاعوام الثمانية والخمسين، لا يعرف لماذا قد يشكل خياره هذا صدمة، في المنحيين، السلبي والايجابي.
الرجل الهادئ المقتصد في كلامه، يضع خياره في سياق بعضه شخصي وبعضه الآخر يعود إلى تلك الأفكار التي يلتزم بها الواحد فتلزمه، ولا يعود يجيد حتى التخلي عنها.
علاء الدين ترّو هو من هؤلاء الملتزمين تماماً. خرج من مراهقته إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، في العام 1973 ولا يزال. بعد عامين من انخراطه في العمل مع الحزب بات حزبياً رسمياً. والتقدمي الذي كان يرأسه كمال جنبلاط لم يكن حالة عابرة في إقليم عروبي ناصري كان المعلم فيه حامل «الحركة الوطنية اللبنانية» وأحلامها الفلسطينية واللبنانية والعروبية والأممية.
هكذا، لم يعرف ترّو غير الحزب، هو الذي لم يكمل دراسته الجامعية. ترقّى في صفوفه، وقاتل وصار مسؤولاً عسكرياً في سنوات الحرب الاهلية، وأصيب في إحدى جولات القتال التي ينظر إليها الآن بصفتها بين يمين ويسار، وليست بين طوائف. فإذا وضعت الحرب أوزارها، بقي ترّو الحزبي على ما هو عليه، في ولاء مطلق للحزب ورئيسه الذي أثبت بالنسبة إليه حكمة عالية وقدرة على القيادة من لحظة استشهاد المعلم في العام 1977.
في زمن السلم، لم يطلب منصباً، على أن وليد جنبلاط هو الذي طلب منه أن يترشح نيابيا عن الإقليم. هكذا، هو مستمر في مقعده النيابي منذ العام 1992، وهكذا، هو مذ ذاك الحين زاهد بنجومية في الاعلام يحتاجها أكثر منه، كما يقول، النواب المنفردون. أما ابن المؤسسة فليس مضطراً إلى البحث عن شهرة، كما أن «رئيس الحزب»، كما يسمي ترو النائب وليد جنبلاط، أفضل من يعبر عن المطلوب. هكذا ايضاً، أخذ ترّو الطريق الذي يسلكه في العادة نواب المناطق، حيث الجزء الكبير من الدور خدماتي، وحيث البيت مفتوح لطالبي الخدمات، وحيث الاتصال يكون بالنائب مباشرة، من دون الحاجة إلى وسيط.
تبقى العلاقة بين النائب الاشتراكي وإقليمه مريحة، سياسياً على الاقل. ويبقى المكان محفوظاً له على الخريطة الانتخابية القوية دائماً لزعيم المختارة. فإذا استشهد الرئيس رفيق الحريري، يتعمد الحلف الاشتراكي ـ «المستقبلي» بالثورة. هذه ستكون على الارجح أفضل أيام ترّو. غير أن الخطاب المذهبي الزاحف في كل اتجاه، لن يكون سحابة صيف في الإقليم بالطبع. واذا وقع الخلاف بين الاشتراكي والمستقبل، فلن تشهد لحظة ترّو تردداً ولا دراما: مع الحزب كيفما دار. هكذا يكون الحزبي، والرجل، على ما يقول، يؤمن بالاحزاب السياسية، ولا يؤمن بالطوائف، أما المقعد النيابي، ففي الاصل كان تكليفاً من الحزب، فإن أدى النائب المطلوب منه بالنسبة لأبناء منطقته، وبالنسبة لحزبه، فلا أفضل من هذا مسك الختام.
قرار ترّو متخذ من الأول: مع وليد جنبلاط الذي يقول ترو، لم يسأله عن خياره. وفي الاجتماع الاخير لـ«اللقاء الديموقراطي» (قبل أن يصير جبهة النضال الوطني)، أعلن ترو رأيه قبل أن يسأل جنبلاط عن الخيارات. كان جنبلاط في ذاك الاجتماع هادئاً. شرح موقفه، وطلب من الموجودين، واحداً واحداً، الكلمة الاخيرة، المفصلية. ترّو الذي من الواضح انه يكنّ لرئيس الحزب الكثير، لم يكن ليخيب ظنه، كما أنه لن يكون يوماً في موقع مواجه له، ولن يقبل بالترشح إلى مقعد نيابي ضد «الرئيس»، حتى ولو كان فوزه مضموناً «في الجيبة».
لو أن العكس حصل. لو ان ترّو فضل انتماءه المذهبي، لكان الأمر مفاجئاً لجنبلاط وللآخرين: لكان تمايز عن رفاقه في الحزب وتبرأ من مبادئه وأفكاره. لكان خان نحو أربعين سنة له اشتراكياً.
المرتاح إلى ما فعل، فاجأته ردة الفعل الايجابية من أبناء الاقليم أنفسهم، هؤلاء الذين اتصل العشرات من أطبائهم ومهندسيهم ومحاميهم لتهنئته على موقفه الذي في جزء كبير منه، يبدو أخلاقياً صرفاً.
في حكم المجهول تماماً، يبقى مستقبله النيابي. غير أن مستقبله الثاني سيبقى على الارجح مضموناً: السمكة التي أمضت عمرها في البحيرة الاشتراكية لن تغادرها ولو إلى بحر المستقبل، أو على الارجح إلى سمائه الزرقاء. ليـس أن السـمكة لا تعرف أن تعيش خارج بحيـرتها الاشـتراكية، بل هـي ايضاً لا تريد ذلك.
على أن الاحتمال كبير بأن «رئيس الحزب» سيرد الوفاء بأفضل منه، كذلك حلفاؤه الجدد. يحكى أن الوزير الوحيد الذي حسم أمر وجوده في الحكومة الجديدة منذ اليوم الأول للتكليف هو علاء الدين ترّو. غير أنه ينفي أن يكون أحد حدثه بهذا الشأن. كل ما يعرفه عن موضوعه هو ما يقرأه في التشكيلات الاعلامية. الوزارة هي تكليف حزبي سيتحمس للقيام به، يقول، ويتذكر بالطبع أن وزيراً لم يأت من الاقليم منذ الوزير زاهر الخطيب في حكومة الرئيس عمر كرامي الأولى، في العام 1992.
الوفاء لوليد جنبلاط خيار صادق لدى ترّو. وتجربة معالي الوزير المحتملة تقول إن الوفاء لجنبلاط ليس خياراً خاسراً على أي حال. ليس في هذا الزمن اللبناني بخاصة . السفير 26 شباط 2011 .

مقالات ذات صلة

‫10 تعليقات

  1. كيف يكون وفي لجنبلاط وجنبلاط نفسه لن يكون وفيا لحلفائه وثورة الارز كان يجب على الاستاذ علاء وقوفه الى رأي اكثرية اهل الاقليم الذين اوصلوه ولا احد غيرهم الى البرلمان كان عليه ان يكون وفيا لناخبيه والوفاء الوفاء الوفاء الوفاء 4 مرات و4 دورات انتخابيه لأهل الاقليم لا لشخص ولنرى الخامسة

  2. .. تحية لسعادة النائب الصديق علاء ترو..لقد اتخذت القرار الصائب٠٠! وهذا هو الوفاء!! ..انا كبرجاوي,و بالرغم من عدم الرضاء عن دعم ٨ اذار الا انى احترم كثيرا قرار الاخ علاء واتفق بالكامل مع كاتب المقال” ..المرتاح إلى ما فعل، فاجأته ردة الفعل الايجابية من أبناء الاقليم أنفسهم، هؤلاء الذين اتصل العشرات من أطبائهم ومهندسيهم ومحاميهم لتهنئته على موقفه الذي, في جزء كبير منه، يبدو أخلاقياً صرفاً”……..و من بلاد الاغتراب..لك مني تحية و سلام..

  3. ياعمي ماهي المقاييس يلي عم تقيسو عليها . انتو انتخبتو النائب ترو كل مرة وعارفينو انو اشتراكي وانو حزبي وانو جنبلاط مرشحو وانو لو ما جنبلاط مرشحو مابيترشح . وهو وياه سيرة ومشوار عمر . ولو ما جنبلاط ما عمل نائب . وجنبلاط وهو اصدقاء مخلصين لبعض . متل اللحم ع الضفر ……إسا جنبلاط يقلو استقيل بستقيل . اذا جنبلاط قلو ما تترشح مابيترشح . مش قضية تابع ومتبوع , هني هيك اصدقاء واحباب وعارقين شوبدن………….بعد كل هالعمر والمسيرة بتحكو ع الوفاء .أكيد بدو يكون وفي لتاريخو لصداقتو . وفي للحلوة والمرة .وفي للي كان صادق معو .وفي لمبادئو .وفي للشوف كلو. اذا ماكان وفي لجنبلاط وللشوف لمين بدو يكون وفي…….بدكن ياه يكون وفي لأربع أو خمس سنين بس كان فيها هو وجنبلاط رأس الحربة ويترك تاريخو وراه …الرئيس الحريري كل ما قال لواحد ماتترشح بينقلب عليه وبصير ضدو ……بغض النظر موافق ولا مش موافق او متعاطف او مش متعاطف مع النائب ترو ,موقفو هو الموقف المتوقع يوقفو. وهو الوفا بعينو من وجهة نظري .وياريت السياسيين يقتدو بموقف ابن برجا علاء ترو ويعرفو انو السياسة مش مصالح ,السياسة مبادىء واخلاص ووقفة عمر حتى لو ما كانت شعبية . ومايهمك يا علاء لو كان كتير من الناس مش راضيين . اليوم كتير من الناس غوغائيين ورعاع يعني منعمل متل مابدن , اذا شو دورنا نحنا ؟نمشي وراهن ؟ انا مقتنع ومتفهم كتير موقف ابن ضيعتنا برجا الوفية برجا بنت الجبل وإمو وبيو ويا جبل مايهزك ريح

  4. ما زال وليد بك يعيش في عهد الاقطاع, و بغض النظر عن اسم النائب و دينه, سيبقى “ناطور” لصالح الزعيم الاقطاعي.
    و تسمية الناطور للوزارة, ما هو الا امعان في الاستخفاف بكرامة و قدرات اهالي الاقليم.
    و في مطلق الاحوال, السمكة للاكل مقلية او مشوية, لا يهم………….

  5. تحية لسعادة النائب والوزير الاول في الحكومة المقبلة علاء الدين تروا ولك التوفيق في المرحلة المقبلة لقد اتخذتم القرار الطبيعي والوفاء لمسيرتك النضالية وجماهيرها وتذليل كل المصاعب التي تعترضك ولا خوف عليك ان شاء الله .
    سؤال نطرحه للبرجاويين واهل الاقليم : لماذا دائماَ نتهجم على ابنائنا من حيث استلامهم منصب ما وكما نقول لماذا نكون دائما محرومين من تمثيلنا في الوزارة في اقليم الخروب المهدور حقه من التقديمات الاجتماعية والخدماتية في شتى المجالات علينا دائما ان نطالب في اي وزارة تشكل حصة اقليم الخروب بوزير وبوزير انمائي ولماذا لا يكون الوزير هو النائب علاء الدين تروا هل في الحكومة الحالية البعض منهم اجدر من النائب علاء. لماذا هذا الخوف؟ علينا ان نبتعد عن الحساسيات بل لنقترب من بعضنا البعض لمصلحة الناس ونستثمر طاقات الشباب المثقف الصاعد ولنكن مجتمع افضل نحو التطور يداَ واحدة.

  6. النائب علاء الدين ترو واضح منذ زمن طويل بأنة حزبي وصاحب مبدأ ولا يغيره ونحن لا نعتب عليه. ولكن التناقض هو عند وليد بك الذي يتغني بالديمقراطية و يفرض على الأقليم نوابه منذ زمن طويل
    وهذا لان أصوات المسيحين في المهجر وأصوات السنة غير موحدة وأي مرشح سني منفرد أو على لائحة أخرى غير النائب ترو في الأقليم يكون مدعوم ماديا من جنبلاط لزيادة تفريق اصوات السنة وضمان الفوز لمرشحة لأن أصوان الدروز تصب بمعظمها للائحة جنبلاط. لماذا أختاره أصلا منذ البداية لتمثيل المقعد السني لأنه يعرف تماما بأنه لن يخالفه الرأي وأن هذا الصوت مضمون له في مجلس النواب. هذه هي الأنتهازية المقيتة والتي لم تعرف أبدا في أخلاق ومبادئ المعلم كمال بيك والذي تنكر لها ولده والأن يعود الى سن الرشد ويعود الى جبهة النضال والى ذكريات ابيه. ونأمل أن يعود لرشده هو ومحتكروا السياسة في لبنان ويضعوا قانون انتخابي يلبى طموح اللبنانيين ويعطي التمثل الحقيقي لمن يستحق والا فالشباب اللبناني سيزيل طواغيب السياسة كما فعل شباب مصر وتونس وليبيا وغيرها

  7. تحية للنائب ترو ولمواقفو . انا لبناني سني من شحمة اذني لأخمص قدمي بأيد مواقفو وخطو . سياستو سياسة الذكا والدهاء واليد الممدودة والحنكة . منحبو قد الدنيا . برجا من دونو بدون مظلة وسقف . بس شو بدي قول بالبلدية مش عم تزبط معو . تفاجأت كيف ساير جماعة الاسلامية . مع انو جربن وما طلعو قدها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى