قل كلمتك

الوداع في ظلمة الليل

 

كتبت د . غنوة خليل الدقدوقي :

إنه منتصف الليل في ضيعتي برجا ، القرية الوادعة التي تستلقي على كتف البحر ، هنا في باب الجبل .

برجا التي عشتها همزة وصل بين أوصال الوطن التي لم تبخل يوماً بدماء أبنائها وأرواحهم فداء للحرية والوحدة والوطنية … لكن هذا الليل غريب وكئيب ، فالسماء الحزينة بعينيها الحمر لا تذرف الدمع وتكتفي بالنظر إلى حزن أبناء الضيعة الذي يذبح من الوريد الى الوريد، والليل يشرع اْبواق الصدى لعويل النساء وندب الصبايا، والقلب ينفطر أسى فمشاعر الغدر والظلم والفراق و… مشاعر قاتلة … وإبراهيم وحامد يجوبان للمرة الاخيرة أزقة برجا الأم لكي يرقدا بسلام في رحم هذه الأرض، ويمران في دروبها يغلبهما الشوق لروية أهليهما ، ولكنهما يريدان راحة أبدية من عذاب الدنيا وبعض الحقارة التي تسكن زوايا هذا الوطن الطيب .

إبراهيم وحامد ترحلان وسط عاصفة من الأسئلة والشكوك لكن الأكيد أنكما شهداء الغدر وضحية العيش بكرامة في وطن تُستباح فيه الكرامة وتهدر فيه أسباب العيش … والاكيد أيضاً أنكما ترحلان تاركين وراءكما ضيعة مفجوعة لرحيلكما، وزوجتين  اكتسبتا لقب الأرامل وهما تحضران كسوة العيد، وأطفالاً أصبحوا أيتاماً بين شروق شمس وغروبها …

فالوداع الوداع يا أبناء برجا الطيبين المظلومين ، عسى رب السماء ينتزع حقكما من أفواه من يظنون أنهم سباع المرحلة فيحاولون طمس الحقيقة متناسين أن الله يأبى إلا أن يتم نوره الحق ولو كره الكارهون…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى