قل كلمتك

كفانا حنيناً

برجا

كتب الدكتور ربيع كمال دمج:

كفانا حنيناً، كفانا ترحماً على كل ما فات.

كفانا إكتفاءً بأمجاد كُتاب التاريخ الذين صنعوا معظمها ونحن تلقفنا كتبهم كطوق نجاة، وهذا لا ينفي بأن برجا واحدة من البلدات المشهود لها تاريخياً في شتى المجالات، لكن ما بين حاضر محاصر بالمشاكل ومستقبل محفوف بالمخاطر، ترانا نحتمي دوماً بمظلة الماضي لعله يستر عورات برزت مع الأيام!

فحذار أن يطول بنا المكوث تحتها وإلا سنصبح في عداد النيام، فماذا بعد؟

كيف ننظر إلى الواقع؟ وكيف نتطلع إلى تحسينه؟.

نعم كان القرميد يُزين معظم منازل برجا، لكن اليوم يكفي أن تُلتقط صورة لبرجا من إحدى راوبيها، لتشهد على عشوائية العمران، والمستقبل لا يبشر بالخير في ظل وجود تنظيم مدني قضى وسيقضي على ما تبقى من المساحات الخضراء، خاصة مع الحديث المتزايد عن رفع التصنيف الزراعي عن القاطع، ناهيك عن تفشي المخالفات المشرعنة.

نعم في ثمانينيات القرن المنصرم شقت سواعد الشبان البرجاويين الطرقات، لكن اليوم هذه الطرقات لم تعد تفي بالغرض خاصة داخل برجا القديمة (الضيعة، عين الزغير، الروس)!

فمع التزايد الكبير في عدد السيارات، الذي لم يترافق مع خطة سير تعمل على توفير المواقف اللازمة، نجد أن الإزدحام المروري هو سيد المواقف في أوقات عديدة من النهار، فرغم شق بعض الطرقات وتوسيع البعض منها على أطراف البلدة، يبقى مستقبل ملف أزمة الطرقات والسير في برجا مجهول المعالم ما لم تؤخذ إجراءات تُغَلِب المصلحة العامة على بعض المصالح الخاصة، وتُطرَق أبواب لتأتي بمصادر جديدة للتمويل.

أما الملف الأسوء، وهو ملف التلوث الذي ضرب معظم حواسنا، من التلوث البصري الذي حرمنا متعة النظر بعدما نهشت الكسارات الجبال المحيطة بنا دون أي تأهيل للمساحات التي استثمرت، إلى التلوث السمعي المتمثل في الضجيج الصادر عن المعامل التي تحيط بنا، إلى التلوث الأخطر ألا وهو تلوث الهواء الذي يفتك في روايا أهلنا منذ عقود ، ومصادره الرئيسية معمل الجية الحراري ومعمل سبلين ، ومؤخراً إنضم لهم دخان حريق النفايات المتصاعد من مكبات الضيع المجاورة، وانبعاثات مكب النفايات المؤقت في المعنية والذي نأمل أن لا يكرس لسنوات عدة، بسبب الواقع السياسي والمالي.

وفي الختام نجدد الدعوة إلى عدم الإكتفاء بأمجاد من سبقنا لأننا يوماً ما سنكون نحن الجيل الذي سيسبق الأجيال اللاحقة ولنَكُف عن الحنين إلى أيام نتصورها كما نريد، ونتخيلها خالية من الشوائب، ولنتطلع بمسؤولية إلى مستقبل أفضل من الواقع الذي نعيش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى