قل كلمتك

أولوية الشارع البرجاوي

كتب د. ربيع كمال دمج:

برجا، حبها كبير وقلبها أكبر، مادحوها كثر ومحاسنها أكثر، فعلى الرغم من ضراوة الهجمات العمرانية العشوائية، وخجل الهجمات الإنمائية عليها، لاتزال كعروس تزيّنت ليلة عرسها بأعين معظم أبنائها، يغارون عليها، يرون الدنيا من خلالها، يدافعون عنها  بشراسةِ عاشق وصل حدودَ الجنون، أمانيهم تنطلق منها، تمر بها، وتحط تحت ثراها المليء بالطمأنينة.

الجميع متفق على نخوتها، محبتها، فرادتها، تألقها، عنفوانها في السلم كما في الحرب، فهي والحق شريكان لا يهادنان، لكن للجميع فيها آراء تلتقي في الهدف، لكن تختلف على اختيار الطريق، فتتشعب الطرق، ويكثر المعرقلون، ويأخذ الهدف الأسمى بالتلاشي، لتظهر أهداف لا تجاري العصر الذي نعيش، فينحدر الطموح، وتتشتت الجهود، التي يفنى معظمها بمناكفات داخلية، لا تخدم برجا ولا البرجاويين، فيطغى على الساحة مصطلح الأولوية، وهو مصطلح فضفاض، يتسع لمصلحة كل فرد منا، فيسيطر الكلام على الأفعال، وما بين ما هو معلن وما تخفيه النوايا تمضي السنون ولا تظهر النتائج.

ونبقى على هذه الحال لتطل برأسها الاستحقاقاتُ الانتخابية، فنرى بعض المشاريع التي تنفذ دون المواصفات اللازمة، فحتى اليوم هناك في برجا نقصٌ في مياه الشفة، وتقنينٌ في الكهرباء.

أما طرقاتها فحدث ولا حرج، كما أنها خالية من أي مرفق صحي أو مالي أو إداري أو خدماتي أو سياحي. فهل مكتوب على برجا أن تبقى على هامش الإنماء الفعلي؟

وبالعودة إلى الأولويات التي قد سلمنا بوسع آفاقها، فأنني أجد أن في كثرتها شتاتاً، وفي التسابق على تسخيف بعضها البعض ضياعاً، والتهليل لجزيئات أنجزت منها تعمية. فبرجا كجائع ظمآن، قد تفرحه كسرةُ خبز، أو رشفة ماء، لكن هو بحاجة لتأمين مصدر للغذاء والماء والكساء لكي يحيا بسلام.

وجوع برجا الإنمائي لا تسده مشاريعُ مبتورة، ولا تمنعه بعضُ البروباغاندا التي تتغنى بإنجازات لا تجاري عصرها.

إلى متى ستبقى بعض النجاحات الفردية المحدودة، بمثابة وجبة دسمة تنسينا جوع السنين، وإلى متى ستبقى المصالح الشخصية متلطية خلف المصلحة العامة؟.

وأخيراً الشعر في الأولويات كثير، ولكي لا أدخل ناديَ الشعراء سوف لن أدلي بسلم أولوياتي، ولن أتجرأ على ترداد برجا أولاً، أو الأولوية لبرجا دون قدرة على التنفيذ.

نعم برجا موجودة في الوجدان، لكن برجا التي رسمها قلبُ عاشق في مخيلتنا ليست هي برجا التي تُرى من قبل الأخرين، وعلينا جميعاً أن نوقن ذلك، برجا تستغيث، وإن لم يهبَّ أبناؤها لإغاثتها لن تجد لها من مغيث.

عن “برجا الجريدة” العدد الثاني 2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى