قل كلمتك

إدارة ملف النفايات في برجا بين الواقع والتحديات

كتب أ. ناصر البراج:

بعد أن تم شمل برجا والجوار مؤقتاً بخطة الدولة فيما يخص نقل النفايات إلى مطمر الكوستا براڤا، تبقى إدارة ملف النفايات المنزلية الصلبة في برجا تحدياً كبيراً للسلطة المحلية المتمثلة بالبلدية من جهة والمجتمع المدني المتمثل بالحراك الشعبي بجميع مكوناته من جهة أخرى.

وبالإشارة إلى أن ارتفاع نسبة إنتاج النفايات في برجا يُعتبر نتيجة مباشرة للتزايد السكاني وارتفاع نسبة توافد النازحين السوريين إلى برجا. أما ارتفاع زيادة نسبة النفايات المكدسة هو نتيجة مباشرة لعدم اعتماد إدارة متكاملة ومستدامة لأزمة النفايات على الأقل على الصعيد المحلي.

إن السلطات السياسية على صعيد الوطن، تتحمل بشكل مباشر أزمة التخلص من النفايات، بسبب عدم إتاحة الفرص الجدية للبلديات لإدارة مستدامة لهذا الملف. من جهة أخرى فإن السلطات المحلية أيّ البلديات تتحمل جزءاً من الإخفاق في إدارة هذا الملف، حيث تعمد معظمها إلى الكبّ العشوائي أو الحرق للتخلص من النفايات، ما يرتّب تبعاتٍ سيئة على صحة المواطنين والبيئة.

فالبلديات هي القادرة على إنجاز جميع الإحصاءات اللازمة والمسؤولة عن تحديد التقنيات المناسبة بالإضافة إلى تحديد الجدوى الصحّية والبيئيّة والإقتصادية والإجتماعية لأي تقنية. أما المجتمع المحلي البرجاوي فيُعتبر عنصراً مهمّاً ومسانداً للسلطة المحلية عند وجود أي خطة لإدارة النفايات والتخلص منها.

من هنا، فإن التخطيط لإدارة النفايات المنزلية الصلبة في برجا ينبغي أن يعتمد على عدة نشاطات، بدءاً من التخفيف من إنتاجها مروراً بالفرز والتخزين والجمع والنقل وصولاً إلى طرق المعالجة والتخلّص، مع الإشارة إلى أنه لا يوجد حلّ شامل للتخلص نهائياً من النفايات.

إن عملية جمع النفايات دون أي عملية فرز، تزيد من الخطر على البيئة والصحة، وتؤثر سلباً على المواد القابلة للتدوير، وتقلّل من الإحتمالات التسويقية له. فالخيار الأفضل في عملية الجمع كمرحلة أولى هو فصل النفايات المنزلية إلى نفايات عضوية وغير عضوية.

لذلك فإن حملات التوعية للتشجيع على الفرز من المصدر تُشكل نشاطاً أساسياً من أنشطة برنامج إدارة النفايات الصلبة، فهي تهدف إلى تشجيع المواطنين على المشاركة في تحسين إدارة النفايات في برجا وإدخال مفهوم التنمية المستدامة إلى المجتمع البرجاوي عن طريق خلق وعي بيئي واستحداث ثقافة جديدة تحثّ المواطن البرجاوي على الفرز من المصدر، وعلى المساهمة في حماية البيئة والصحة والسلامة العامّة.

وفي المقابل وجب على البلدية اعتماد مبدأ سرعة إزالة النفايات من المناطق التي تكثر فيها حركة المرور وحيث يكثر فيها تراكم النفايات ضمن برنامج كامل لضمان خلوّ جميع الطرقات والأماكن العامة من النفايات، إضافة إلى الاهتمام بتأمين المعدات المتطورة اللازمة لكنس الشوارع بشكل دوري.

إنّ عملية جمع البيانات وتحليلها عن الجهات المنتجة للنفايات (أفراد ومؤسسات) تساهم بشكل مباشر في وضع مخطط شامل لاختيار وتوزيع مستوعبات النفايات واختيار التصميم الملائم لكل منطقة. كما أنها تساهم في إدارة مالية سليمة لملف النفايات من خلال تقليص التكلفة وتحديد أفضل إستراتيجية لاسترداد التكاليف.

أما تعزيز وتوسيع المراقبة ينبغي أن تكونا أولوية عند وضع مخطط الإدارة المتكاملة لملف النفايات في برجا وذلك لضمان تطبيق المعايير الصحية والبيئية كمعاقبة المخالفين على قاعدة “الملّوث يدفع” إضافة إلى فرض التدابير الوقائية.

أما التوعية البيئية والصحية في برنامج الإدارة المتكاملة لملف النفايات فتُعتبر من أهم البنود التي ينبغي أن تراعى عند وضع أي خطة لإدارة ملف النفايات وذلك من خلال وضع برنامج تعليمي في المدارس بالتعاون مع الوزارات المعنية، وبرامج توعية في الأحياء.

إن عملية تجميع النفايات في منطقة “المعنية” بشكل عشوائي دون مراعاة شروط الصحة والسلامة العامة بات يشكلّ خطراً على صحة وسلامة السكان القاطنين بجوار المكب، كما أن عملية فرزها بات محالاً لأسباب عديدة، لذلك وجب تغطيتها بطبقة رقيقة من التربة كل أسبوع على الأقل أو اللجوء إلى توضيبها في أكياس عازلة، لتفادي اجتذاب نواقل الأمراض كالذباب والقوارض وتحولها إلى موقع لتكاثرها.

كما ينبغي تسييج موقع تجميع النفايات لتفادي دخول الحيوانات إليها واتخاذ الحيطة لتفادي تلوث المياه الجوفية، فالكبّ العشوائي للنفايات المنزليّة الصلبة يؤدي إلى امتصاص التربة للسموم وانبعاث الروائح الكريهة والغازات الدفيئة ويشكل خطراً على المياه السطحيّة والجوفية. كما أنّه يساهم في خسارة المواد الممكن إعادة تدويرها.

أما حرق النفايات التي تقوم به معظم البلديات المحيطة ببلدة برجا أو الحرق الذي يحصل أحياناً في مكب المعنية، يؤدّي إلى إنتاج الرواسب والغازات السامّة التي قد تسبّب مضاعفات في الجهاز التنفّسي وارتفاع خطر الإصابة بالسرطان.

إن إدارة ملف النفايات في برجا يحتاج إلى تعاون جميع مكونات المجتمع البرجاوي من بلدية إلى السلطات السياسية المحلية والمجتمع المدني والحراك الشعبي بمختلف أطيافه للوصول إلى خاتمة تحفظ صحة وسلامة الإنسان والبيئة على حد سواء.

عن “برجا الجريدة” العدد الثاني 2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى