قل كلمتكوجوهٌ من بلدتي

مات الأستاذ عمر وفي قلبه حسرة!!!

آخر وصايا الأستاذ المربي عمر جميل الخطيب

هي ثانوية برجا الرسمية.

رحل في التاسع والعشرين من آذار 2020 وفي قلبه حسرة.

ماذا قال في تكريمه إثر تقاعده في آذار عام 2011:

قالوا: مات سيبويه وفي قلبه حسرة من “حتى”.

وأنا أقول: تقاعد مدير ثانوية برجا الرسمية عمر الخطيب وفي قلبه آهة من عدم ترميم القاعة. كم كنت أن يكون تكريمي في هذه القاعة بعد تأهيلها. لقد كان ذلك حلماً لم يفارقني ولأجله قمت وعلى امتداد عشر سنوات بالعمل الدؤوب، فوضعت الدراسات واكتملت الملفات، ولكن العين الحاسدة كانت تضرب هذه القاعة كما الجماهير الليبية على حد قول القذافي .

وعدني الوزير عبد الرحيم مراد بتحقيق الحلم، وحتى الوزير خالد قباني، ولم تتأهل القاعة!

لقد قلت لتيمور جبنلاط عندما زارني في الثانوية: أيرضيك أن تكون قاعة ثانوية جدك الشهيد كمال جنبلاط هكذا؟ قال: لا. قلت: أبلغ والدك بذلك.

وبقيت القاعة كما هي وبقيت معها الآهة .

واليوم أحمّل النائبين ورئيس اتحاد البلديات ورئيس بلدية برجا مسؤولية العمل على ترميم هذه القاعة وتحقيق حلمي الجديد الذي يراودني بأن يكون تأبيني فيها بعد ترميمها .

سأحكي لكم قصتي، قصة مدير تزوج من اثنتين: الأولى أنجبت لي خمس بنات وصبياً واحداً على امتداد أربعين عاماً، والثانية كانت تنجب لي كل عام مئات من الصبيان والبنات، وتنعم عليّ بعشرات من الأخوة والأخوات من معلمين ومعلمات .

الأولى لا يفرقني عنها إلا الموت أو الطلاق، أما الثانية فلا يبعدني عنها إلا الموت أو التقاعد. وكم كنت أتمنى أن لا يبعدني عنها إلا الموت أو الموت .

الأولى رغم حبي الكبير لها لم أقل لها شعراً، أما الثانية فقد قلت فيها :

فيك برجا ثانوية… حققت كل المنال

في الأمور التربوية… فوزها أضحى مثال

نهجها قد تابعته… في طريق التربية

دأبها قد كرسته… للعلوم المجديه

تزرع الروح الأبية… ضمن أجساد فتيه

بالعقول العبقرية… ذلك حكم المحال

فيك برجا ثانوية… حققت كل المنال

خطها قد أكدته… وطني الإنتماء

عصرها وقد واكبته… تبتغي حب العطاء

موئلاً للعلم تبقى… وبها لبنان يرقى

إن تزرها سوف تلقى… معهداً يبني الرجال

فيك برجا ثانوية… حققت كل المنال

قصدها التثقيف دوماً… للتلاميذ الأباة

تضمن الأجيال حتماً… من ملمات الحياة

جيلنا فيها تربى… دعوة التعليم لبّى

دمت صرحاً مستحباً… منهلاً يبغي الكمال

فيك برجا ثانوية… حققت كل المنال

في الأمور التربوية… فوزها أضحى مثال

تحية أوجهها إلى النائب علاء الدين ترو الذي رعى هذه الثانوية في مناسبات عديدة، وأشهد أمامكم بأنه لم يضغط عليّ يوماً بأي طلب.

كان يقول لمن يطلب منه وساطة: عمر الخطيب خط أحمر، أتركوه. إنه يعمل من أجل مصلحة الثانوية. وها هي تنجح وتتفوق سنة بعد سنة .

تحية إلى مديري الأول في متوسطة برجا للصبيان الأستاذ الحاج محمد علي دمج الذي علمني التضحية والوفاء والتفاني .

تحية إلى مديري مؤسس ثانوية برجا الرسمية الأستاذ يونس علي الخطيب، الذي علمني رباطة الجأش وملكني القدرة على القيادة والريادة لإيصال الثانوية إلى مراتب النجاح والتفوق .

تحية إلى مديري الأستاذ المرحوم حسن خالد حوحو الذي تعلمت منه كيف يقوم مدير الثانوية بواجباته حتى الإستشهاد .

تحية إلى الناظر العام الأستاذ حسيب الخطيب شريكي في المسؤولية، والذي كان وفياً لي وللثانوية .

تحية إلى جميع الأساتذة دون استثناء والذين صنعوا بهمتهم نجاحات الثانوية وتفوقها .

تحية إلى مجلس الأهل وعلى رأسه الحاج سليم ترو الذي لم يبخل يوماً لا بالمال ولا بالجهد من أجل مساعدة الثانوية وإقامة علاقة طيبة بين الأهالي والثانوية .

تحية إلى من قام بالجهد لإعداد هذا التكريم وخاصة الأستاذ سعيد ترو والأستاذ خالد الشمعة وأساتذة الرياضة عبد الله الغوش وليلى الحجار وسليمة دمج وأساتذة الفنون غادة الطحش وغيرهم .

تحية إلى الجندي المجهول الحاج محمد وجيه شبو دينامو الثانوية ومحركها وساعدي الأيمن .

تحية إلى جميع العاملين في الخدمة والنظافة الذي ما زالوا يقبضون أجورهم دون الحد الأدنى .

أيها الزملاء والزميلات: ما كنت أعلم أن تاريخ ميلادي سيكون أيضاً تاريخ بدء مرحلة شقائي بعيداً عنكم، كنت آتي إليكم رغم مرضي وسقمي فكيف لي أن أقعد غداً دون رؤيتكم صباحاً ووداعكم عصراً؟.

اليوم أترككم وحبكم يملأ جنبات قلبي، وحب الثانوية يحتل مساحات ضميري ووجداني. وصيتي لكم أن تبقى الثانوية أيضاً في ضمائركم ووجدانكم، حافظوا عليها وتابعوا عملكم فيها كما عهدتكم، كونوا أسرة واحدة متحابة ومتماسكة واجعلوا مصلحة الثانوية فوق كل اعتبار، واجعلوها أولوية تطغى على مصالحكم الشخصية .

أعذروني أيها الزملاء إن كنت أسأت إلى أحدكم ، فالعصمة لله وحده .

سامحوني إن كنت قد حاسبتكم على تقصير ما، وإن حصل فذلك من أجل حسن سير العمل في الثانوية .

عهدي لكم أنني لن أبخل بأي جهد يطلب مني حتى آخر لحظة من عمري لتبقى الثانوية منارة علم وثقافة ومكارم أخلاق .

ونهاية أقول لكل معلم منكم :

إرفع جبينك عالياً وتبسّم… لولاك هذا الكون لم يتقدّم

أنا ما انحنيت طوال عمري مرة… إلا لربي في السما ومعلمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى