من جراب الأمس

ذهبية يونس ادريس ومجيديته !!

كتب الشيخ جمال بشاشة : يونس ملحم ادريس 1887 – 1950 ، زوجته فهيمة الشيخ سليم حسين يحي ، أُشتهر ببرجا الشوف بحكايا وأقاصيص ، وقد سكنا فوق العين بعلّية قرميدية تطل على ساحتها . يونس بإسرافه وبذخه ، وفهّوم بتدبيرها وحرصها وثروتها التي جنتها من جهدها وتعب يديها ، فقد كانت قابلة قانونية ، تدرّبت على والدتها عائشة حسن عنّوز التي عُرفت في زمانها بعيشة ديك .

طاف يونس ادريس يبيع القماش ، وأكثر تجواله في ناحية جنين بفلسطين . يُروى أنه همّ مرة بالرجوع إلى برجا بعد غياب طويل في طرابلس شمالي لبنان ، وكان قد قطع نهاره بين القرى والنجوع ، مرّ على حلاّق ليقص له شعره ، وكان يونس تعباً منهكاً ، عليه ثياب متواضعة … أخذ دوراً وجلس ينتظر .

الحلاّق لم يعبأ به ، فكلما دخل زبون آثره عليه إلى أن خلا المكان من رواده ، وجاء دور يونس ادريس ، الذي ما إن فرغ الحلاق من عمله حتى ناوله ليرة ذهبية ، فذهل الرجل وسقط في يده ، وندم على ما بدر منه .

مرت أيام وشهور وذهب يونس إلى طرابلس في رحلة جديدة إبتغاء الكسب والرزق ، ولمّا أزف وقت إيّابه إلى أهله في برجا ، إرتدى أحسن ما عنده وعرّج على الحلاق عينه ، الذي ما إن رآه قادماً إليه حتى بادره بالترحاب والتكريم : أهلاً بالبيك ، أهلاً بالأفندي … وهكذا ، ومن فوره حلق له وزبائنه متهيبون .

شكر له إدريس لباقته وخدمته ، ثم مد يده إلى جيبه وناوله مجيدية – مبلغ زهيد – فاستغرب الحلاق قائلاً : هذه ليست عادتك يا بيك ! فرد عليه ادريس : هذه المجيدية عن تلك المرة ، أما الذهبية فهي عن هذه المرة ، ثم إني أوصيك أيها الحلاق أن لا تستخف بالناس .
المرجع : كتابة الحياكة البرجاوية للكاتب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى