من جراب الأمس

الشيخ أمين حسنين والموسيقار القصبجي في برجا الشوف

أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين زار المطرب المصري الشيخ أمين حسنين وشقيقه يس وعازف العود محمد القصبجي ـ الموسيقار المشهور في ما بعد ـ  لبنان لإحياء العديد من الحفلات والأمسيات الغنائية .

في بيروت ، كانت صالة كيكي التي كانت تقع على أطراف ساحة البرج لجهة طريق النهر من أولى الصالات التي غنى فيها الشيخ حسنين ، الذي كان يتمتع بصوت عذب ، واعتبر من أجمل الأصوات ذات النفس الطويل في الموال ، ولكنه لم يحظ بفرصته من الشهرة لأنه اعتمد على أسلوب معين محدد لم يغيره في الأداء .

في تلك الآونة دعي الشيخ وصحبه الى برجا الشوف لإقامة ثلاث أمسيات في مقهى آل الخطيب ـ أسفل عمارة الشيخ أحمد عمر الخطيب ـ الكائن في ساحة عين برجا والتي كان يديرها عبد البديع سعد ـ حورية ـ وأمين سليمان بكري الغوش كما ذكر لنا  حسن محمد الشمعة 1914 ـ 2000 والد أ. خالد الشمعة .

أما الحاج ابراهيم أحمد الجوزو 1910 – 2006  كبير الحياكين فقد شهد أمسية واحدة من أمسيات الشيخ حسنين ، ودفع ثمن ذلك خمسة عشر قرشاً ، وما زالت صورة الشيخ بالجبة والعمامة ماثلة له وهو يحيي الجمهور البرجاوي .

خلال إقامة الشيخ حسنين في برجا كان مضيفوه يطوفونه في حاراتها ودروبها ، ويروى أنهم لما اصطحبوه لزيارة حارة العين وحين بلغ عاليها في العريض أُخذ بالمنظر ، وقال بلهجته المصرية المحببة :  ” هنا أصبحنا قريبين من السماء ” .

لم يستمر الشيخ أمين حسنين بعد أوبته الى مصر بالغناء طويلاً ، فقد اعتزل وغاب عن الأضواء ، وترك مجموعة من الطقاطيق والاغنيات ، أشهرها تلك التي يحفظها المعمرون في برجا ، والتي شغفوا بسماعها منه إبان قدومه إليهم ونحن نثبتها هنا كما حفظها حسن محمد الشمعة :

مررت بالبحر فاهتاجت لرؤيته

عواطفي ، وبكت عيني على الأثرِ

فقلت للبحر : أرجع من ذهبت بها

وخلفتني أسير الوجد والسهر

فلم يجبني بغير الموج ملتطماً

وبالنسيم يسليني من الضجر

سارت فسار فؤادي في حراستها

وبت أشكو الأسى حتى الى الحجر

يا لائمي بهواه والهوى سبب

صبرت يا صاح حتى عز مصطبري

إما رجوع حبيبي بعد غيبته

عن الديار وإما ظلمة الحفر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى