منبر الجمعة

هل تعيرنا دولة التشيلي كبسولتها ؟

تناول شيخ الجامع الكبير في برجا الشوف جمال جميل بشاشة في خطبة الجمعة بتاريخ 7 ذو القعدة 1431 هـ الموافق 15 أكتوبر 2010 م ، معاناة إخواننا الأسرى في سجون العدو الصهيوني مطالباً العرب وخصوصاً منهم دعاة السلام المزعوم بتغيير سياساتهم التي ما جرّت إلا التراجع والفشل . وهنا نص الخطبة : ” من لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم ” فمن لم يأس لجراحهم ويحمل همومهم ويتألم لآلامهم ويحزن لأحزانهم ويفرح لأفراحهم فكيف ينتسب إليهم ويكون منهم ؟ .

ذكرتُ ذلك وأنا أقرأ أخبار الأمس التي تقول : تنفست دولة تشيلي في أميركا اللاتينية مع عودة عمال المناجم الـ 33 الذين صمدوا 69 يوماً على عمق 622 متراً تحت الأرض ، مع عودتهم إلى الحرية والضوء سالمين ، الواحد تلو الآخر ، في عملية نفذت بدقة كبيرة وسرعة لافتة … وكُتبت لأولئك العمال المغمورين حياة جديدة قد لا يكون للعتمة مكان فيها .

ومع كاميرا فيديو نصبت في قاع المنجم ، تحول العالم قرية كونية ، حابساً أنفاسه مع التشيلي ، ومتضرعاً من أجل سلامة أشخاص لم يعرفهم قط ، وقد لا يلتقيهم أبداً .

مع هذا الخبر تذكرنا والذكرى مؤرقة ، شديدة الوطء ، أحد عشر ألف أسير وأسيرة في سجون العدو الصهيوني … رغم هذا العدد الكبير فإن العالم لا يتذكرهم ولا يلتفت إليهم ولا يهتم بهم إلا حينما تنقل إلينا وتهرّب وسائل الإعلام ثواني معدودة من معاناتهم وضائقتهم … وما أخالكم جميعاً إلا وقد رأيتم جنود العدو يرقصون حول ضحيتهم الأسيرة الفلسطينية . وتساءلنا : هل يرقصون لغياب الضمير الإنساني ؟ أم يحتفلون بموته ؟ … الضمير العالمي الذي يتشدق بحقوق الإنسان وحريته ، ويولي ظهره لأقدس كفاح من أجل الحرية في هذا القرن ، وهو حرية شعب فلسطين .

تروي الأسيرة المحررة إحسان دبابسة قصة شريط الفيديو الذي يظهر فيه جندي إسرائيلي يرقص على أنغام صاخبة حول الأسيرة وهي مكبلة اليدين ومعصوبة العينين بأن جندياً آخر أحضر قنينة خمر وعرض عليّ الشرب ، وما هي إلا لحظات حتى هاجمها جنود العدو كالذئاب المسعورة يضربونني بأعقاب البنادق وبأرجلهم .

الأسيرات يومياً يخضعن للتفتيش العاري المذل ويجبرن على رفع أيديهن من التاسعة صباحاً حتى الثالثة بعد الظهر .

إن خذلان المسلم شيء عظيم كبير ، هذا الذي قضى على صفات الإباء والشهامة والكرامة بين المسلمين … السكوت والخنوع والتخاذل .. كل ذلك جر على المسلمين الذلة والعار وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا يقفن أحدكم موقفاً يُضرب فيه مسلم ظلماً فإن اللعنة تنزل على من حضر حين لم يدفعوا عنه ” . لا قيمة ولا مصداقية لأي نظام وميثاق عالمي ودولي لحقوق الإنسان ما دام أحد عشر ألف أسير فلسطيني يعانون ويقبعون في سجون عدو ظالم بغيض ، وما دام صامتاً عن جرائمه التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني .

ألم يسأم العرب وخصوصاً دعاة السلام منهم من كذب إسرائيل وخداع قادتها وبلطجتهم ؟ وهل يحتاج الأمر إلى سنوات قبل أي يكتشف ساستنا وزعماؤنا ذلك ؟ . وقد سمعنا بالأمس أحد الرؤساء العرب يقول : لا بديل عن المفاوضات إلا المفاوضات ! إذا ظل ساستنا وقادتنا على هذه السياسة ، وعلى هذه الخطة التي لم توردنا إلا المهالك ، ولم نجنِ منها إلا الخيبات فإننا  سوف نناشد دولة التشيلي إعارتنا الكبسولة التي صنعتها لإنقاذ عمال المنجم المحتجزين تحت الأرض ، فنحن بحاجة لمن يخرجنا من مناجم التخلف والذل والإستسلام ، لأن أعمارنا انتهت ونحن نعيش تحت الأرض .

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    بارك الله فيك يا شيخ جمال موضوع مهم ولفتة ذكية وانا شاهدت شريط الفيديو للاسيرة المحررة إحسان وقد تألمت كثيرا وادعو الجميع لمشاهدته .
    لقد اعجبتني المقاربة بين تشيلي والعرب ولكن ا……………..يا ريت عنا رئيس دولة عربية واحد متل احمد نجاد (ما حد يفهمني غلط) الذي هدد اسرائيل ونصحهم بالرحيل وهذا من صلب عقيدتنا (زوال اسرائيل ) وتاريخنا العربي والاسلامي حافل بذلك .
    السلام عليكم

  2. بارك الله الشيخ جمال على هذا الخطبة التي تستحق أن تكتب بماء الذهب على جدران البلاد علها تسهم بأخراجنا من النفق المظلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى