من دفاتر الإغتراب

الباحث طارق البكري : لاتسألوني ما اسمه حبيبي !

عن تجربتة الشخصية في الكتابة عن أدب الأطفال في العالم العربي ألقى الدكتور طارق البكري محاضرة في هذا الموضوع ضمن فعاليات مهرجان طيران الإمارات الثقافي في مدينة دبي . وأكد البكري ( من برجا ) الباحث الإعلامي المتخصص في أدب الطفل أنّ العالم العربي يحتوي على نماذج كبيرة ومتقدمة في مجال الطفل مشيراً إلى أن دولة الكويت متميزة في رعاية ودعم إعلام الطفل وأدبه ، وسباقة في النشر الإعلامي والأدبي الخاص في أدب الطفل في المنطقة وفي العالم العربي ، ولديها عدد كبير من مجلات الأطفال والصفحات اليومية للطفل صدرت في فترات سابقة ، وكثير منها ما زال محافظاً على الصدور رغم ما يعانية أدب الطفل وإعلامه من صعوبات شتى .

وأوضح البكري أنه بدأ الكتابة للطفل منذ أيام الشباب وبدء العمل الصحافي ، وتسلم صفحة يومية في جريدة الأنباء الكويتية خاصة بالطفل ، ونشر العديد من القصص في سوريا والكويت ومصر والجزائر … حتى تعرف على صاحب ومدير عام دار الرقي اللبناني المتخصص بالأطفال الأستاذ أنيس سعد . ويضيف : إن هذا اللقاء كان انطلاقة حقيقية بالنسبة له في مجال الكتابة للطفل ، حيث عمد الناشر على تشجيع الكاتب وتوفير أقصى الإمكانيات التي تجعله ينطلق أكثر فأكثر نحو عالم الكتابة .

وقال الدكتور طارق البكري في محاضرته : إنّ الحديث عن الطفولة هم شاغل وقلق دائم لكل من أخذ من عالم الطفولة بطرف ، فساحة البناء الإنساني التي كانت طوال قرون مسورة بسياج الأسرة والمجتمع الضيق ، إتسعت بصورة لم يسبق لها مثيل ، فغيرت المفاهيم وشوهت كثيراً من القيم الإنسانية بعد أن كان غرسها سهلاً فيمن نشأ وتربى في أحضان الفضيلة .

وأشار البكري إلى أهمية وسائل الإعلام والأسباب الكثيرة التي تدعو إلى إصدار جريدة يومية للطفل كوسيط أساسي بناء يثقفه ويرقيه ويشكل شخصيته المستقبلية الرائدة القائدة كما يجب أن تكون ، لكننا ما زلنا في البداية والطريق ما زال طويلاً . وأشاد البكري بمدى اهتمام دول الخليج عامة ومنها دولة الإمارات في مجال الطفولة ، وذكر أنّ في الكويت حالياً كثيراً من المطبوعات والمجلات الخاصة بالطفل ، مثل مجلات ( أجيالنا ) و ( براعم الإيمان ) و ( سدرة ) و ( سعد ) ، مشيراً الى مجلة العربي الصغير تغطي العالم العربي كله واستطاعت أن تصل إلى الأطفال العرب في كل مكان ، وأصبحت منذ زمن طويل مجلة الطفل على امتداد الوطن العربي العربي بامتياز ، لافتاً إلى أنّ بعض الصحف الكويتية اليومية تنشر صفحات يومية أو أسبوعية خاصة بالطفل .

مبيناً أن عدد الأطفال في الكويت مثلاً يتجاوز نصف عدد السكان ، قائلاً : إن هذه الشريحة تمثل شريحة كبيرة في كل المجتمعات العربية ، وتشكل قوة شرائية واقتصادية ضخمة ، وهي تستحق جريدة كبرى على مستوى الوطن العربي . وأكد البكري أن الإيمان بدور الإعلام البنَّاء يفرضُ تركيزاً على تطور وسائل إعلام الطفل ، وعلى كل تجربة جادة وفاعلة ، بحثاً عن جديد يستمد من التجارب السابقة ما يساعد على الارتقاء والنهوض والتفرد .

وقال: إن الكتابة للصغار تجلب له الأحلام لأن عالم الصغار عالم خاص ، وأن تجربته للكبار محدودة ، ويلجأ إليها عند رغبته ببث شجون وأفكار محددة برموز خاصة . قائلاً : إن تجربته في هذا النوع من الكتابة لم تكن سهلة وتطلبت جهداً خاصاً .

وحول قصته الجديدة ( لاتسألوني ما اسمه حبيبي ) عن دار الرقي في بيروت قال البكري : إن هذه التجربة لا تهمل هماً لا ينقطع ، تمت صياغتها برموز لها دلالتها الخاصة ، داعياً القارئ الى اكتناه المضامين وفك الخفايا ، لأن الكاتب ليس مجبراً على كشف خفايا نصوصه التي يتوخى من خلالها الوصول إلى غايات على القارئ أن يعمل على فك رموزها . لكنه عاد ليقول : إن الكتابة للصغار تظل هي مكمن الاهتمام عنده ، ولكنه وإن أصدر عدة مجموعات للكبا ر، يظل وفياً لعالم الطفولة بكل ما فيها من أسرار وأحلام . مشيراً إلى أنه كتب يوماً قصة طويلة تحت عنوان ( صانع الأحلام ) تلقفها الأطفال بشغف ، وطبعت عدة مرات .

وأوضح البكري أنه صدر له حتى الآن ستة أجزاء من هذه السلسلة التي شهدت إقبالاً من الكبار والصغار ، وحققت أعلى توزيع في العالم العربي ، لافتاً إلى أن الجزء الأول من السلسلة طبع خلال أربعة أعوام فقط نحو 7 طبعات متتالية ، ما ينفي برأيه عزوف الأطفال عن القراءة ورغبتهم الدائمة بالتعلم والاطلاع على كل جديد في عالم الكتابة والأدب والفن والعلم . كما أن وزارة الثقافة الجزائرية اختارت هذه المجموعة وطبعتها على نفقتها ضمن مكتبة فاخرة لتوزع مجاناً على مكتبات الأطفال في الجزائر .

وقال : إن للكتابة للطفل أسلوباً خاصاً ، يشعر الطفل بخفته وسهولته وجماله ، فتوحي له الكلمة والصورة بالفكرة الممتعة المؤثرة وتهذب الفكرة ذوقه ، وتتيح لخياله أن ينطلق ، وتغري الألوان بصره ، والمؤثرات الصوتية حسه ، فيكون رفيقاً للطفل ، يقدم له الحقيقة والفكرة دون أن يتعبه أو يرهقه . وللكتب ولوسائل الإعلام مجتمعة دور بارز في تنمية الطفل عقلياً وعاطفياً واجتماعياً وأدبياً ، لأنها أداة توجيه وإعلام وإمتاع وتنمية للذوق الفني ، وتكوين عادات ، ونقل قيم ومعلومات وأفكار وحقائق .

ويؤكد البكري أن كتب الأطفال وقصصه لا يجب أن تكون مجرد مستودعات للمعرفة ، ولكنها أدوات تعليم وتوجيه وبناء بالمرتبة الأولى ، وعليها أن تقوم على تخطيط واع وصادق وصريح ، لغة ومضموناً وإخراجاً . وتعد القيم التربوية رأس العمل الإعلامي الموجه إلى الطفل ، حيث تسري هذه القيم في أوصال وسائل الإعلام شكلاً ومحتوى .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى