برجا الآن

وعاد شوقي ليجمعنا

أ . علي الزعرت

كلفني أصدقائي- أصدقاء شوقي البستاني – إلقاء هذه التحية باسمهم فشرّفني تكليفُهم .
إن علاقتنا بالصديق شوقي قديمة و متقطعة ولكنها لم تكن في يوم من الأيام مقطوعة .

جمعتنا فترة الدراسة في المرحلة الابتدائية .

 لفتتنا فيه براءته وعفويته .

 كان يجمع ميزتين متناقضتين : الفقر المادي و الغنى الروحي .

 كان يجلس في الصفوف الخلفية لا لطول قامته , بل لأنه مضطر إلى ذلك كونه يدرس مع أخيه الأكبر في نفس الكتاب . و هذا أيها السادة وجه من وجوه فقره المادي .
كان يحضر معنا دروس الدّين عند الشيخ سعيد غصن .

 سألته مرة : لماذاة تحضر دروس الدّين مع أنك غير ملزم بذلك ؟

 أجابني بلغة الكبار الكبار : في دروس الدين أتعلم الفصحى من القرآن الكريم بالإضافة إلى الدروس الاخلاقية .

أضاف : هذا هو رأي والدي و أنا مقتنع بذلك .

 وهذا هو جانب من غناه الروحي .

أيها السادة :
وفي مرحلة التعليم المتوسط اختفى شوقي وبتنا نغني قبل فيروز بسنوات و سنوات : من زمان أنا وزغير … كان في صبي إلعب أنا وياه كان اسمو : شوقي …
و علمنا أنه التحق بمدرسة إكليركية .

 و بعد 4 سنوات خلع عن جسمه ثوب الرهبنة , و لكنه لم يخلع عن قلبه ثوب الإيمان و عاد والتحق معنا بثانوية برجا الرسمية يوم افتتاحها سنة  1961
أمضينا في الثانوية سنتين كان فيهما شوقي محط احترام الجميع من زملائه و أساتذته وكان أشطرنا في الأدب : الأدب العربي والأدب الفرنسي . وتجلى ذلك عندما تجرأ مرة وبكل موضوعية و ثقة بالنفس من نقد قصيدة شعرية فيها ترداد لكلمة معينة في آخر كل رباعية من رباعياتها.

و كان أستاذنا في الأدب العربي الشيخ محمد علي الجوزو- أطال الله عمره – معجباً بهذه القصيدة ، و كان يرى في ترداد الكلمة نوعاً من الموسيقى , في حين رأى شوقي أن الترداد لا يمت إلى الموسيقى بصلة , بل هو على السمع : ثقيل … ثقيل … ثقيل  .

و كان أن أقنع الأستاذ برأيه ونال العلامة الأولى في الصف .

ومرت الأيام … و بعد ثلاثين سنة على افتراقتا عاد شوقي ليجمعنا بمبادرة منه .

 أمضينا في ضيافته ثلاث ساعات استرجعنا فيها ذكرياتنا الحلوة و ضحكاتنا العفوية التي سرقتها منا سنوات الحرب …
و منذ ثلاثة أسابيع شاء النادي الثقافي أن يكرمني مشكوراً- بإعطائي درع العطاء .
لمحت بين وجوه المحبين الكثر و في آخر القاعة وجهاً أليفاً , مشرقأ ، باسماً .

وجه لم أره منذ عشرين سنة !

 إنه شوقي جاء ليحضر حفل تكريمي بمبادرة منه .

 وكان عناق وسلام … وتعطلت لغة الكلام .
فبإسم الأصدقاء أقول لشوقي البستاني :
شكراً لأنك علمتنا فهماً جديداً للأصالة في تصرفاتك .
شكراً لأنك أعطيتنا دروساً في العصامية في كتابك .
إسمك الأول يذكرنا بالشعر وأميره , و اسمك الثاني يذكرنا بالأدب و رواده .

كيف لا و أنت ابن سلالة البساتنة الكبار التي أغنت أدبنا العربي , ونقلته من ضفة التقوقع والجهل إلى ضفة الحداثة والنور .
رجاؤنا إليك أن يكون لكتابك هذا المزيد من الإخوة والأخوات .
و أخيراً يا أخي شوقي و كما عودتنا ودائماً
ضع المسيح في قلبك …. إفتح للنور عقلك … وأمسك بثبات قلمك وقل كلمتك وامش .

  • كلمة الأستاذ علي عبد السلام الزعرت التي ألقاها باسم أصدقاء أ . شوقي حليم البستاني في حفل توقيع كتابه في النادي الثقافي الاجتماعي في برجا الشوف .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ليت الماضي يعود يوما، حتى نكون معك في صف الرياضيات الذي كنا ننتظره بلهف..
    اطال الله عمرك يا استاذنا، ولنا انت الأخ الكبير..

    وادام الله الصداقات الطيبة وجمع الأحباب الذين فرقتهم مشاغل الحياة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى