قل كلمتك

قراءات هادئة للإنتخابات البلديّة في برجا

كتب الأستاذ الجامعي الدكتور هيثم حسن الغوش : برجا التجمع العمراني الذي يعد 12888 ناخباً، من أكبر التجمعات في الشوف، خاضت الإنتخابات البلدية تحت أنظار عدد كبير من المراقبين وذلك لسببين : أهمية برجا ككتلة ناخبة، كموقع وكتاريخ والسبب الثاني يتعلق بالمعركة الإنتخابية التي يحق أن يقال فيها أنها ديمقراطيّة بإمتياز .

تتميز برجا بمعطيين على قدر من الأهميّة بحيث يؤثران مسبقا على آلية خوض الإنتخابات. المعطى الأول وهو التوزع السكاني حسب العائلات. فعائلات برجا تفوق السبعين عددا وأكبرها تزيد عن التسعماية بقليل. أما المعطى الثاني فإن أي حزب سياسي لا يملك كتلة ناخبة تمكنه من خوض الإنتخابات منفردا أو على الأقل أن يفرض شروطه على الآخر. هذا بالإضافة إلى أن برجا تتكون من دائرة إنتخابية واحدة والأحياء مزيج من العديد من العائلات والأحزاب. وما قلناه يسري بالطبع على الإنتخابات الإختيارية. كل المخاتير هم مخاتير برجا وليسوا مخاتير أحياء كما في باقي المدن والقرى .

النتيجة الطبيعية لهذا الواقع أنه كتب على من يخوض الإنتخابات البلدية أن يتحالف مع آخرين وليس في الأمر سوء. بل على العكس أرى أنه إيجابي  أذ على الجميع أو على الأقل، على البعض أن يتعاون قبل، خلال وبعد الإنتخابات .

ماحدث قبل الإنتخابات كان نتيجة طبيعية للمعطيين الآنفي الذكر، إذ كان المحور الأساس إيجاد تحالف ما لتشكيل لائحة. وتمثل الثقل بثلاث كتل أساسية: تيار المستقبل، الجماعة الإسلامية والمستقلين، هذا بالإضافة إلى كتل اقل أهمية حجما ومنفردين. إنصبت المحاولات أولا على تشكيل لائحة تضم تيار المستقبل، الجماعة الإسلامية والحزب التقدمي الإشتراكي وكان ما كان وإنتهى الأمر الى تشكيل لائحتين: لائحة قرار برجا وتضم تيار المستقبل إلى مستقلين ولائحة الوفاء لبرجا وتضم الجماعة الإسلامية ومناصرين، مع استمرار منفردين بالترشح. وقد شكلت اللوائح بإختيار أفرادها من المجموعة التي قدمت ترشيحها وبعد إقفال باب الترشح. من الجانبين لم يكن المخاض سهلا وآل الأمر إلى ما آل إليه وكانت النتيجة التي طال إنتظارها حتى ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي .

المستطلع للنتائج لحظة بلحظة خلال عملية الفرز تأكد له أنه لم يتم الإلتزام بالوائح بشكل كبير وتشكيل الناخب للائحته الخاصة هو الغالب. ويعود ذلك لأسباب متعددة : حزبية، عائلية، شخصية وإستمرار منفردين في خوض المعركة. هذا بالإضافة إلى صراع خفي بين الحلفاء لم يظهر علنا وكان له حضور في صناديق الإقتراع .

الخلاصة من كل هذه القراءات أن العملية الإنتخابية في برجا بالتحديد تشع بالدروس والعبر وينبغي التوقف عندها:

العبرة الأولى : برجا قادرة على أن تخوض إنتخابات حرّة وديمقراطيّة بالمعنى الفعلي ويتساوى الجميع ويكون للصوت الوزن نفسه مهما تغيرت المقامات واختلفت المراكز والرتب .

تتلخص العبرة الثانية بوجوب أن يقتنع الجميع أنه عندما يدخل الفرد إلى قاعة الإقتراع وينزوي خلف الستارة يكون مجردا إلا من ثلاث: وجود الله، نفسه وحريته. وهذا هو موقع القوة بأبهى مظاهره فليحكم المرء ضميره ويمارس حقه .

أما العبرة الثالثة فإن الشعب قادر على أن يحاسب وقد فعل ليس حبا بالتغيير بل توقا إلى مستقبل أفضل وعقابا لمن لم يعمل أو كان عمله متعثرا .

والعبرة الرابعة والأخيرة تتعلق بالمسؤولية الملقاة على عاتق المجلس البلدي المنتخب. المهمة صعبة نتيجة لوعورة الوضع في برجا والمسيرة شاقة ويجب أن تقاد بحكمة وتبصر حتى تحقيق الحد الأقصى مما يمكن إنجازه وإلا فالشعب بالإنتظار والإنتخابات القادمة ليست ببعيدة .

وقد تخلل الإنتخابات هذه مفارقة لا أستطيع إلا أن أتوقف عندها ألا وهي غياب البعد الأساس عن الحملات الإنتخابية التي خيضت وعنيت بذلك البعد الإنمائي إلا من محاولة يتيمة قمت بها راسما الإطار لبرنامج تنموي شامل ضاع صداه في الضجيج .

وأختم هذه القراءات بحلم ورسالة. فالحلم الذي مازال يراودني أن أرى تنافسا مشروعا بين كفاءات هدفه إنماء برجا وخيرها وأن تشكل لوائح من ذوي الخبرة والإمكانات وأن تخاض الإنتخابات على أساس برامج تنموية واضحة المعالم والأهداف ذات سياسات تطبيقية واقعية. وتكون معركة تنافسية صرفة لا عداوة فيها ولا خصومة، وأن يختار الناخب بين الجيد والأفضل وأن يفوز من حاز على ثقة الناس وأن يسعى الخاسر إلى ضم جهوده إلى الرابح ويتعاونون واضعين مصلحة برجا فوق كل إعتبار وأن تكون الإستمرارية هي سيدة الموقف .

أما الرسالة فموجهة إلى جميع مكونات المجتمع البرجاوي إبتداء بالمجلس البلدي الجديد وإنتهاء بأي فرد ينأى بنفسه عن أي عمل عام متبعا المثل ” الحيط بالحيط يا رب أوصلني إلى البيت“: آلت برجا الى موضع لا تحسد عليه وإنماؤها صعب وشاق ويتطلب إمكانات معنوية ومادية جمّة. فالجميع مدعو إلى التعاون والتكافل وإتباع سياسة النفس الطويل ولا بدّ لنا أن نصل بالنهاية ولكن الوصول منوط بإتباع المسار الصحيح .

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. استنادا الى ما جاء في كلام الدكتور هيثم
    يعني أنو الناس في برجا سوف تحاسب البلديه الحالية حسابا عسيرا
    على اتقان الغياب التام ـ والتفوق قي التقضير ـ والنجاح الباهر في التقبيل وكثرة الكلام والتنظير

    يا دكتور هيثم ضيعان أقكارك وامكانياتك العلمية مع هيك مجلس بلدي( أو بتعرف مجلس زراعي مش بلدى ويمكن تفقيص مكنات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى